كتاب: تشكيل التاريخ بالصلاة والصوم
بقلم: ديريك برنس
ترجمة: د. منيس عبد النور
عرض: نبيلة توفيق
يسرد لنا الكاتب من خلال اختباراته الشخصية كيف أن كلا من الصلاة والصوم شكلا التاريخ أثناء الحرب العالمية الثانية في شمال إفريقيا، وفي إنهاء حقبة حكم ستالين في روسيا, وفي حصول كينيا على الاستقلال والازدهار. كما يقدم من خلال سطوره دعوة لإجراء التغيير في عائلتك, وكنيستك وبلادك والعالم بتضرعاتك وانسحاقك بالصوم أمام عرشه.
ملح الأرض ومملكة كهنة:
"أنتم ملح الأرض" (متى 13:5).. بهذه الكلمات كلم المسيح تلاميذه كما يكلمنا نحن الذين نعترف بسلطان تعاليمه، وهو يشبه عملنا في الأرض بعمل الملح الذي يعطي نكهة ويمنع الفساد، ونحن كتلاميذ للمسيح وكملح للأرض نحمل مسئوليتين: أولاهما أن حضورنا يعلن للأرض استمرار نعمة الله ورحمته, وثانيهما أننا نحجز قوى الإثم والفساد بقوة الروح القدس إلى أن يجيء الوقت المعين من الله.. إن قوات العالم ترفض سلطان المسيح وتقاوم عمل ملكوته, لكن المؤمنين يجتمعون كملوك وكهنة "يرسل الرب قضيب عزك من صهيون. تسلط في وسط أعدائك" (مزمور2:110), وعندما "يرسل الرب قضيب عزك فيستسلم الأعداء, ويتمجد المسيح ويمتد ملكوته.
الصلاة لأجل الحكام وكلاء الله:
المسيح هو "رب الأرباب وملك الملوك" (رؤيا 14:17) فهو يحكم العالم ويسود فوق سادة الأرض, وسلطانه على كل الحكومات الأرضية ممنوح بسلطان اسم المسيح للكنيسة التي تجمع شعبه المؤمن به. وكما مد موسى عصاه على مصر نيابة عن الله، تمد الكنيسة بصلاتها سلطان المسيح على الأمم وحاكميها. وقد يستخدم الله الحكام الأرضيين ليحققوا مقاصده في التاريخ خاصة من نحو عهوده لشعبه, فيخضع الله شعبه في يد حكام أشرار عندما يكونون عصاة متمردين, وإذا تاب شعب الرب وصلوا طالبين رحمته فقد يغير الرب الحكومة بطريقة من اثنين: إما بإزاحة الحاكم الشرير واستبداله بحاكم صالح أو بتغيير قلب الحاكم الشرير، أي وسيلة رحمة لا وسيلة عقاب.
رؤية التاريخ وقد شكلته الصلاة:
يسرد الكاتب من خلال اختباراته الشخصية كيف كان للصلاة دور عظيم في تحقيق النصر للحلفاء في الحرب العالمية الثانية وأيضا في حفظ سكان فلسطين من الاضطهاد النازي وقوات المحور، وكيف تدخل الله لخير "كينيا" بسبب صلوات مجموعة من أهلها اتحدوا معا للصلاة وكيف أن الصلاة كتبت نهاية حكم ستالين بقسوته وظلمه للشعب الروسي. وأضاف الكاتب أن الصلاة التي يصاحبها الصيام تحقق القوة, فالصوم يغير الإنسان لا الله، فالروح القدس هو الله كلي القدرة وعديم التغيير, ويحطم حواجز طبيعة الإنسان الجسدية التي تعطل عمل قوة الروح القدس فتطلق قوة الروح في حياتنا بصلواتنا.
الصوم يجهز المطرالمتأخر:
نلمس في كل الكتاب المقدس التوازن الدقيق بين تحقيق مقاصد الله المقدرة سلفا والممارسات البشرية التي يمارسها الناس بمحض إرادتهم الحرة. فمن جهة نجد أن مقاصد الله الأزلية المعلنة في المواعيد والنبوات والكلمة المقدسة لا بد أن تتحقق, ومن جهة أخرى هناك أوقات يطلب الله فيها أن تكون ممارسة الإيمان البشري والإرادة البشرية شرطا أساسيا لتحقيق مقاصده. وهناك عدة نماذج من الكتاب المقدس تنير لنا الطريق مثل دانيال الذي غيرت صلاته قلب نبوخذ نصر وفتحت صلاته باب رجوع شعبه من السبي إلى أرضهم, ويهوشافط الذي انتصر بغير حرب بعد أن نادى بصوم وصلاة, وعزرا الذي حصل على الأمن بفضل قوة الله, وأستير التي بصلاة وصوم شعبها حولت الكارثة إلى نصرة، وأيضا نجاة نينوى عندما نادى ملكها بصوم ولبس المسوح.
إرساء الأساسيات بالصوم:
في (أشعيا 58) "أصحاح الصوم العظيم" يصف الصوم المرفوض, كما يصف الصوم الذي يرضي الله, ويكمن الخطأ في النوع المرفوض إلى دوافع الذين يمارسونه. وقد يكون الصوم مجرد طقس ديني يخلو من التوبة والتذلل, كما كان الفريسيون يمارسونه أيام المسيح, فمع الصوم يمارسون شرورهم من كبرياء وأنانية وظلم.. أما الصوم الذي يرضي الله وتليه بركة الإرشاد والإثمار فنجدها في (أشعيا 6:58 -10). وتذكري أن ممارسة الصوم مثله مثل الصلاة فلا تنتظري حتى يجيء عليك طارئ يدفعك للصوم، فمن المفيد أن تبدئي الصوم وأنت في حالة روحية عالية فتتقدمين من قوة إلى قوة ومن إيمان لإيمان ومن مجد إلى مجد. "والقادر أن يفعل فوق كل شيء أكثر جدا مما نفتكر, بحسب القوة التي تعمل فينا, له المجد في الكنيسة في المسيح يسوع إلى جميع أجيال دهر الدهور.. آمين" (أفسس 20:3).