الشعور بالوحدة
الشعور بالوحدة هو الإدراك المؤلم أننا نفتقر لعلاقات ذات معنى وحميمة مع الآخرين ، وهو يؤدي إلى الفراغ والحزن والعزلة واليأس ، والإحساس بالرفض وصغر النفس لأننا لا ننتمي للآخرين. فنحس أننا متروكون غير مرغوب فينا مهما كان المجهود الذي نبذله للانتماء .
أشار القس بيلي جراهام، وهو من أشهر الوعاظ الذي أشار في كثير من عظاته إلى " الوحدة العالمية " للإنسان المفصول عن الله ، الذي يحس أن الحياة بلا معنى ويقول :" هناك آلاف الناس الذين يعيشون في وحدة ويحملون أثقالاً صعبة من الحزن والقلق والألم والإحباط . ولكن أكثر من يحس بالوحدة هو الشخص الذي انغمست حياته في الخطية " .
كان من نتائج السقوط أن الجنس البشري انفصل عن الله ، فاختبأ آدم وحواء من الله في محاولة لستر خطيتهما . ولكن عندما نجد الغفران في المسيح نرتاح من الوحدة التي تفصلنا عن الله . عندما فكر كاتب مزمور 23 في رعاية الله له قال :" يرد نفسي " وهذا يرفع أسباب الانفصال " وَأَنْتُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ قَبْلاً أَجْنَبِيِّينَ وَأَعْدَاءً فِي الْفِكْرِ، فِي الأَعْمَالِ الشِّرِّيرَةِ، قَدْ صَالَحَكُمُ الآنَ فِي جِسْمِ بَشَرِيَّتِهِ بِالْمَوْتِ، لِيُحْضِرَكُمْ قِدِّيسِينَ وَبِلاَ لَوْمٍ وَلاَ شَكْوَى أَمَامَهُ " ( كو 1 : 21و22 )
وعندما نستعيد علاقتنا بالله يمتلئ داخلنا بالروح القدس " أَمْ لَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ جَسَدَكُمْ هُوَ هَيْكَلٌ لِلرُّوحِ الْقُدُسِ الَّذِي فِيكُمُ، الَّذِي لَكُمْ مِنَ اللهِ، وَأَنَّكُمْ لَسْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ؟ " ( 1 كو 6 : 19 ) . نحن كاملون فيه " وَأَنْتُمْ مَمْلُوؤُونَ فِيهِ، الَّذِي هُوَ رَأْسُ كُلِّ رِيَاسَةٍ وَسُلْطَانٍ. " ( كو 2 : 10 ) .
لن نختبر الشركة الكاملة مع الآخرين إلا عندما نصلح علاقتنا بالله سواء في تعاملنا مع المؤمنين أو غير المؤمنين . والنمو الروحي يأتي من قرأتنا اليومية والمتواصلة لكلمة الله والصلاة . وستقلل الصلاة اليومية من مشاعر الوحدة وتدخل الإنسان في محضر الله وهو عون في الضيق وجد شديداً ( مز 46 :1 ) . وانضمامك لكنيسة حيث دفء الشركة وفرص العبادة والخدمة هذا يساعد على تقليل مشاعر الوحدة ، ولا تتوقع الكثير في وقت قليل . فالعلاقات العميقة لا تولد في يوم لأنها يجب أن تزرع وتنمو وهذا يتطلب وقتاً . كلما يعطي الشخص الوحيد يستقبل من الآخرين .
يقدم لنا القس بيلي راهام تجربته الشخصية فيقول :" سأعطيكم وصفة بسيطة وجدتها مفيدة في علاج الوحدة . أولاً أنا لا أشعر بالوحدة أبداً عندما أصلي ، لأن هذا يوصلني إلى صحبة المسيح الصديق الأعظم من الكل الذي قال :" لا أدعوكم عبيداً بل أحباء " . ثم أنا لا أشعر بالوحدة أبداً عندما أقرأ الكتاب المقدس في كل يوم أقرأ فصولاً كاملة منه ولا شيء يزيل الشعور بالوحدة مثل الجلوس مع كلمة الله " .
عندما ننمو في العلاقة التعبدية مع الله نتغير ويكون اتجاه المحبة والاهتمام الذي ينمو فينا أساساً لتعاملنا مع الآخرين ويعمق صداقتنا . التركيز على احتياجات الآخرين يضع مشاكلنا في الوضع الصحيح . فتبدو أقل أهمية مما قبل .
ومن جانب آخر فإن توطيد العلاقات العائلية والجهد الدائم للتواصل مع أفراد العائلة تعلمنا المشاركة والاحترام والاهتمام ، وأننا جزء من بعضنا البعض . وهذا سيفعل الكثير لمنع الإحساس بالوحدة ، العلاقات السليمة في البيت تؤدي لعلاقات سليمة في الأماكن الأخرى . فالنقرأ معاً كلمات المزمور ( 40 : 1-5 ) " اِنْتِظَارًا انْتَظَرْتُ الرَّبَّ، فَمَالَ إِلَيَّ وَسَمِعَ صُرَاخِي، وَأَصْعَدَنِي مِنْ جُبِّ الْهَلاَكِ، مِنْ طِينِ الْحَمْأَةِ، وَأَقَامَ عَلَى صَخْرَةٍ رِجْلَيَّ. ثَبَّتَ خُطُوَاتِي، وَجَعَلَ فِي فَمِي تَرْنِيمَةً جَدِيدَةً، تَسْبِيحَةً لإِلهِنَا. كَثِيرُونَ يَرَوْنَ وَيَخَافُونَ وَيَتَوَكَّلُونَ عَلَى الرَّبِّ. طُوبَى لِلرَّجُلِ الَّذِي جَعَلَ الرَّبَّ مُتَّكَلَهُ، وَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَى الْغَطَارِيسِ وَالْمُنْحَرِفِينَ إِلَى الْكَذِب. كَثِيرًا مَا جَعَلْتَ أَنْتَ أَيُّهَا الرَّبُّ إِلهِي عَجَائِبَكَ وَأَفْكَارَكَ مِنْ جِهَتِنَا. لاَ تُقَوَّمُ لَدَيْكَ. لأُخْبِرَنَّ وَأَتَكَلَّمَنَّ بِهَا. زَادَتْ عَنْ أَنْ تُعَدَّ " .