الشعور بعدم الاكتفاء يعد مشكلة العصر الحالي الواضحة وخصوصا مع ازدياد الإغراءات ووسائل الإغواء التي تطرحها وسائل الإعلام ومحلات العرض في الأسواق، وحتى البائعون المتجولون الذين يطرقون باب البيوت ويعرضون بضائعهم على الناس الذين لا يجدون قوة للمقاومة والرفض.
كل ما حولنا يصرخ في أذنينا أن نمتلك أكثر وأكثر، من يملك سيارة يجد إغواء لكي يغير السيارة بواحدة أفضل، ومن يملك بيتاً يعرض عليه بيت أكبر وهكذا العالم يطالب الناس أن يركضوا ويلهثوا وراءه دون توقف. ووجد الشيطان طريقه إلى قلب المرأة وشوه حاجاتها، وحولها إلى المادية لأن المرأة هي مفتاح العائلة، وعدم اكتفائها ينعكس سلبيا على كل أفراد عائلتها، وتنتقل عدوى عدم الاكتفاء إلى أولادها من بعدها.
رغبة الإنسان أصبحت لا تقف عند حد، هناك رغبة في الراحة والطمأنينة، ورغبة في المعرفة أكثر، ورغبة في التطور والامتلاك، ولا تقف الرغبات عند حد بل تتزايد وتنمو وتجر معها أيام العمر بطريقة جنونية.
لقد ذكر الكتاب المقدس رغبة سليمان في أن يعطي نفسه كل ما تشتهي فامتلك الكثير ولكنه في النهاية اكتشف أنه بحاجة إلى شيء آخر غير الموجود بين يديه! اكتشف أن لا منفعة تحت الشمس وباطل الأباطيل الكل باطل. وحاولت المرأة السامرية التي لاقاها الرب يسوع عند بئر سوخار أن تشبع رغباتها بأن تتزوج أكثر من رجل ولكنها أعلنت عن فشلها في الحصول على السعادة . فقال لها يسوع بوضوح "إن من يشرب من ماء العالم يعطش أيضا."
إذا نعمة الاكتفاء هي الحاجة الوحيدة التي تعطي للإنسان السعادة المضمونة وكما قال أوغسطينوس الملك "نحن نسمة من فمك، ولا نستريح إلا فيك".. وأعلن أن الله وحده هو الذي يغطي الاكتفاء عند الإنسان وبغيره لا يوجد شبع أبدا. وقال بولس الرسول في (فيلبي 4: 11) "لست أني أقول من جهة احتياج ، فإني قد تعلمت أن أكون مكتفيا بما أنا فيه. أعرف أن أتضع وأعرف أيضا أن أستفضل. في كل شيء وفي جميع الأشياء قد تدربت أن اشبع وأن أجوع، وأن أستفضل وأن أنقص. أستطيع كل شيء في المسيح الذي يقويني."
والعلاج لآفة عدم الاكتفاء هو تسليم القلب للرب حتى يضع فيه الشبع والفرح والثقة والرجاء به وعندها يختبر الإنسان معنى السعادة الحقيقية، سعادة الشكر في كل الظروف، وسعادة الاتكال على الذي يسدد كل حاجة في أوانها، وراحة القلب الذي شبع من رفقته وعلاقته مع الله والذي أعلن أن النفس الشبعانة تدوس العسل.