مع بلوغ المرأة الحلقة الخامسة من عمرها وهي المرحلة التي تواكب انقطاع الدورة الشهرية ويطلق عليها سن اليأس تبدأ عواطفها ونفسها تهدأن فقد أكسبتها خبرة السنين نضوجاً لا يستهان به، لكن هذا الهدوء لا يعني ركوداً بل لابد أن تدرك إنه لا يزال لها دوراً علي مسرح الحياة, فالمرأة المثقفة تعتبر هذا العمر فرصة لمزيد من المعرفة وتوسيع دائرة اهتماماتها في الأنشطة الاجتماعية المختلفة لخدمة الآخرين, وكأن الحياة تبدأ معها من هذه المرحلة. أما المرأة ذات الثقافة القليلة فيبادرها الشعور بأن دورها انتهى، بعد أن كانت تدير دفة البيت والكل يخضع لها، فالبساط ينسحب من تحت أقدامها وقد تمركزت بدل منها زوجات وأزواج الأبناء، وينتابها الشعور إنها مهشمة بالنسبة للأبناء وأكثر بالنسبة للزوج، وهنا تسيطر عليها الحسرة وربما الرغبة في الاختفاء, وتكثر خلافاتها مع من حولها، ويصيبها القلق أحيانا وتمثل دور المكتئبة المريضة أحيانا أخري لكي تلفت الانتباه وتكسب اهتمام من حولها، وقد تشتد حالتها النفسية لتصل إلى الشيخوخة المبكرة وتصاب بحالة من الاكتئاب والخرف وتحلل الذاكرة وأيضاً الهلوسة السمعية. وهذه المشكلة ليست في داخل المرأة فحسب، بل في المجتمع الذي جعل منها أزمة مستعصية حتى أن البعض يشبه المرأة في هذه المرحلة بالأرض «البور»، وما هذا إلا جهل وكلام لا يعتمد على أساس علمي. فأعمار النساء لا تنتهي اجتماعياً أو جنسياً عند بداية تلك المرحلة، بل يمكن اعتبارها مرحلة نشاط وحيوية، فالتقدم أكثر في السن يعني عند الناجحين مكانة أسمى، بما يمثل من زيادة وتراكم في الخبرة بفعل التجارب العديدة التي مرت بها ليبدأ التوازن النفسي والنضوج الذهني والفكري في هذه المرحلة. أما بالنسبة للعلاقة الجنسية فهي لا تتحدد بعمر معين، فالمرأة في هذا السن رغم انقطاع الدورة تستمتع بهذه العلاقة كما في السابق, لذا فإن اعتقاد المرأة بأن دورها انتهى ولابد لها من الكف عن ممارسة علاقتها الزوجية هو اعتقاد خاطئ، فالعديد من النساء تزداد علاقتهن بأزواجهن في هذه المرحلة، إذ ينتفي خوفهن من الحمل الذي كان يسيطر عليهن قبلاً, وأيضا انتهاء مسئولية الأبناء والشعور أن ليس للفرد منهما إلا الشريك الآخر يساعد بقوة علي تحقيق علاقة حميمة بينهما .. والعامل النفسي عند المرأة في هذه المرحلة هو الأهم في عملية الوصال، وليست أيام الشباب بأجمل من هذه الأيام التي ربما تكون أجمل وأروع. فالعاطفة ستكون ناضجة في هذه السن، ويكون للحب طعم آخر أكثر عمقاً، وسينعكس ذلك على العلاقة الجسدية، التي ستتسم بالعاطفة والهدوء والطمأنينة. فبحكم تجاربها صارت تعرف وتشعر بصدق العاطفة، وتعرف لغة الجسد بشكل أفضل. لتكون هذه المرحلة بداية حياة جنسية جديدة ملائمة بأسلوب إيجابي يلاءم تطور عواطفها ورغبتها في ممارسة الحب. إن هذه الفترة تتميز بالهدوء لدى الطرفين، وما يساعد علي ذلك أنه في المقابل للتغير الذي تواجه المرأة في جسدها يحدث للرجل أيضا تغيرات جسمية وعاطفية كبيرة. وكما تهبط عند المرأة معدلات هرمونها فكذلك الحال إذ يمر الرجل أيضا بمرحلة مختلفة عن أيام الشباب، لانخفاض معدل الهرمونات الذكرية لديه، إلا إنه يظل لديه القدرة علي الإنجاب، ولكن مع هذا الاختلاف نجده يشاركها في أكثر التغيرات الجسمية والعقلية الأخرى، دون التأثير علي حياتهما الجنسية، وتحقيق انسجام وتوافق مميز في حياتهما معاً. ودعونا نهمس في أذن المرأة حول بعض المشاكل التي قد تصيبها في هذه الفترة ومنها حدوث الألم أثناء الاتصال الجنسي أو بعده, ورغم أن هذا الألم قد يصيب الرجال أيضا إلا أنه أكثر حدوثا عند المرأة، حيث تشعر المرأة بالألم إما في المهبل أو في المنطقة المحيطة بالمهبل، وذلك بسبب جفاف المهبل نتيجة لنقصان الإفرازات الطبيعية المساعدة أثناء الجماع أو ضمور المهبل الذي يحدث عادة مع دخول المرأة هذه السن بسبب انخفاض مستوى هرمون الإستروجين في الدم، وقد يحدث الألم بسبب حساسية المهبل أو المنطقة المحيطة به لبعض الملابس أوالأدوية أو بعض المركبات الكيميائية في الصابون أونتيجة للمضاعفات الجانبية لبعض الأدوية. وهناك بعض الأعراض التي تصاحب المرأة في هذا السن مثل الشعور بنوبات حرارة في الوجه والرأس و التعرق, أيضا عدم القدرة على النوم و الكآبة والقلق وتغير في المزاج. وأحيانا يحدث عدم السيطرة على البول وخاصة عند السعال بسبب ضمور جدار المثانة. كما أن انخفاض مستوى هرمون الإستروجين في الدم يسبب هشاشة العظام. ورغم أن المرأة عرضة لمثل هذه المضاعفات إلا إن قوتها وإصرارها علي الحياة متى أرادت يجنبها ما يقلص من حيويتها وشبابها وأيضا نضارتها دون أن تنحني أمام تململ زوجها منها. ولاشك أنه من الأفضل لها أن تكون في هذه المرحلة امرأة عصرها وتعتبر هذا التوقيت فرصة لتجديد حيويتها وللعمل بجد على «تجميل» نفسيتها ومشاعرها, وتكون متفائلة بالحياة بشكل أكبر ليكون سن الأمل لا اليأس لتنتهي هذه الكلمة تماما من قاموس المرأة.