"إن كنا غير أمناء فهو يبقى أمينا لن يقدر أن ينكر نفسه" (2 تيمثاوس 2: 13)
صرخة اليأس
صرخة ألم دوت من أعماق قلب كسير حزين. كانت تلك الصرخة كالصاعقة التي هزت أركان المكان وأخذت تدوي بشدة في أذني كل من سمعها. صرخة فتاة جميلة في عمر الصبا، في ريعان شبابها، أصبحت كالزهرة الذابلة. لفها الحزن والإحباط نتيجة قرار حطم قلبها. عندما استفاقت من غيبوبتها بعد عملية جراحية واجهت المفاجأة المرة بفقدان أحد ثدييها. والسبب أنها أصيبت بمرض سرطان الثدي، وقرر الطبيب بأن تجرى لها عملية لاستئصال كتلة صغيرة من الثدي، وهذا وبعد أن أجرى لها فحوصات كثيرة قاسية، لكنها واجهت نتيجة مرعبة. لم تكن تعلم أنه سيستأصل ثديها بالكامل، ولم يكن ذلك قرارها، خصوصا بعد أن هون عليها الطبيب بساطة العملية. إلا أن تلك النتيجة كانت بسبب قرار أخ لها دون استشارتها. فبكت بحرقة وحسرة. وصرخت بأعلى صوتها: من أعطى هذا القرار؟ ولمن الحق بذلك؟ وكيف.. ولماذا؟
واقعة مؤلمة جدا. نتساءل: هل من حق ذلك الأخ أن يقرر دون علمها وموافقتها؟ وهل من حق الطبيب ألا يصارحها بالحقيقة مسبقا، أنه من الممكن استئصال الثدي إن لزم الأمر؟ لو علمت مسبقا لما صعقت بما حصل. هنا يأتي السؤال: لم لا نتخلى عن العادات القديمة والعقائد الخاطئة والأقاويل المنتقدة؟ نحن نعيش زمن العلم والنور. والجميع يعرف عن هذا المرض الخطر ونتائجه الوخيمة. فلم لا نهتم بالفحص المبكر؟ فهذا يجعلنا نتفادى المفاجأة المؤلمة. قد تكون الفحوصات مكلفة والعلاج أكثر بكثير لأن استفحال السرطان في الجسم يسبب آلاما مبرحة، وقد يؤدي إلى الموت. فماذا يمنعنا عن الفحص المبكر؟ هل الخوف أم الخجل أم حكم عادات المجتمع وكلام الناس؟ أو ليس للمرأة رأي لتهتم بجسدها ونفسها وتأخذ قرارها؟ إلى متى سيحكمنا القديم ونرفض الجديد؟
هناك قصص كثيرة مؤلمة كثيرة تفطر القلوب بسبب عدم الانفتاح، كتلك السيدة التي عرفتها منذ سنين، كانت قد عانت كثيرا من هذا المرض، وأخيرا فارقت الحياة. كان سبب ذلك عدم سماح زوجها لها بالكشف والمتابعة مع الطبيب. أفلا نستطيع القول بأن هذا غباء؟
إن وزارات الصحة في كافة البلدان العربية أصبحت تقوم بالفحص المبكر للمرأة مجانا. كما وتشجع العديد من المراكز الصحية وتساعد بالاهتمام بالفحص المبكر. فلماذا لا ننتهز الفرصة ونقي أجسادنا من هذا المرض الخبيث الذي يتغلغل في الجسم كالوحش الجائع الذي ينهش فريسته ويفتك بها ويشوهها دون رحمة؟ هذا هو مرض السرطان الذي لا يميز بين امرأة أو رجل طفل. يبطش بأي شخص يكتشفه متأخرا. لذلك إن أمكن اكتشافه مبكرا يستطيع الطب الحديث أن يسيطر عليه في معظم الأحيان. ولكن إن شاءت مشيئة الله بعدم الشفاء لنتقبل ونصبر ونتقوى بالرب. ولنتمسك بالإيمان بالله شاكرينه على كل شيء وفي جميع ظروف الحياة. لنقل لتكن مشيئتك يا الله. ونسلم له القلب والحياة. فهو يعطي قوة وتكون الآخرة سعيدة.
ان الرب يسوع قد تألم على الصليب لأجلنا وتحمل العذاب وحتى الموت. لكنه قام في اليوم الثالث منتصرا. وسيقيمنا معه ويعطينا حياة أبدية. مكتوب في (أشعيا 53: 4-5) "أحزاننا حملها وأوجاعنا تحملها ونحن حسبناه مصابا مضروبا من الله ومذلولا. وهو مجروح لأجل معاصينا مسحوق لأجل آثامنا تأديب سلامنا عليه وبحبره شفينا". لذلك إن لم يسمح الله بشفاء الجسد فانه يشفي الروح لترجع إلى خالقها العظيم بسلام. هناك في السماء. "سيمسح الله كل دمعة من عيونهم والموت لا يكون في ما بعد. ولا يكون حزن ولا صراخ ولا وجع في ما بعد لأن الأمور الأولى قد مضت" (رؤيا 21: 4).