" لا يخزون في زمن السوء، وفي أيام الجوع يشبعون" مز 37: 19
لقد ارتفعت الأسعار بطريقة جنونية !!! أين القمح ؟!!! أين الدقيق ؟!!
ما هذه السلع الغريبة الموجودة في السوق ؟!! كيف نستطيع أن نعيش وسط هذه الظروف الصعبة ؟!!
تساؤلات... تساؤلات... تساولات...
ولكن احبائي ... انتهبوا... فهذه التساؤلات على الرغم من تشابهها مع ما نسمعه اليوم، إلا إنني لا أنقلها لك من الواقع الحالي أو من عناوين أحد الصحف اليومية..!! ولكني أنقلها لك من وسط أحداث وظروف، تبعد عن يومنا الحالي بحوالي 2850 سنة!!!
فهناك في السامرة، إحدى المدن الأساسية في الجزء الشمالي من مملكة إسرائيل، و العام بالتقريب هو 850 قبل الميلاد... المدينة محاصرة من الآراميين بقيادة بنهدد الملك الآرامي، الذي قطع كل الامدادات الغذائية عن السامرة مما تسبب في مجاعة ثقيلة جداً...
ووسط هذه المجاعة، نزل الملك يهورام ملك إسرائيل ليرى الأحوال في السوق، وقد هالّه ما رآه وسمعه... فها هو أحد الباعة في السوق ينادي على بضاعته.... هيا هيا... رأس الحمار بثمانين من الفضة... رأس الحمار بثمانين من الفضة..!! وها هو صوت بائع آخر....هيا هيا... قاب زبل الحمام بعشرين من الفضة وربع القاب بخمس من الفضة!!.. (القاب يساوي 1.2 لتر بينما وزنة الفضة تساوي حوالي 10 -12 جرام و تسمى شاقلاً).
إرتاع الملك مما يسمعه... ما هذه الأشياء التي تُباع؟! وما هذه الأسعار؟! ألهذا الحد وصلت المجاعة بين الشعب؟؟
وبينما هو غارقاً في أفكاره، إذ بامرأة تأتي إليه صارخةً له أن يخلصها وينصفها من ظلم امرأة أخرى، وإذ تساءل الملك عن الأمر، علم أن السيدتين كان بينهن اتفاقاً أن يطبخا ابن الأولى ليأكلاه بالأمس، على أن يطبخا ابن الثانية ويأكلاه اليوم!!! وقد سلقتا بالفعل ابن السيدة التي تصرخ إلى الملك وأكلتاه بالأمس !!! والمرأة الأولى صارخة إلى الملك الآن لأن المرأة الأخرى ترفض أن تعطي ابنها ليؤكل اليوم!!!.... ولما سمع الملك هذا الكلام مزق ثيابه....
نعم احبائي... إلى هذا الحد وصلت الظروف الصعبة في هذا الوقت!! تم حصار المدينة وتعاظمت المجاعة إلى هذه الدرجة!!! حتى أن الملك استشاط غضبه على أليشع رجل الله، إذ كان أليشع يحاول أن يجعله يثق في الله لفك الأزمات. وإذ رأى الملك هذه الأحوال الصعبة ظن أن أليشع يخدعه، وظن أن الله يرسل الشر ولا يستطيع أن يتدخل وينقذ شعبه، وقرر أن يقطع رأس أليشع ويتوقف عن انتظار الله...
ولكن.... انتظروا احبائي... هل أرهقتك هذه الصورة القاتمة.. مهلاً.. ليست هذه كل الصورة..!!
فوسط هذه الأحوال الصعبة، الله ليس صامتاً... الله يرى ويدبر خلاصاً لشعبه.. يهوه القدير رب السماء والأرض يرى الاحتياج ويسدد بطرق معجزية... جاء النبأ إلى أليشع النبي أن الملك يريد قتله، ولكن أليشع لم يرتعب من هذا النبأ، إذ كان يحمل نبأ آخر، فقد أجاب بكلمات تحمل أخباراً طيبة وإن ظهرت وكأنها جنوناً في هذا الوقت... قال أليشع النبي: "في مثل هذا الوقت غدًا تكون كيلة الدقيق بشاقل، وكيلتا الشعير بشاقل في باب السامرة" 2مل7: 1 ( الكيل يساوي 7.3 لتر تقريباً).
نعم... هذا ما أعلنه الله لأليشع، على الرغم من صعوبته... ففي الوقت الذي كان ربع قاب زبل الحمام يباع بخمس من الفضة (أي أن ثلث لتر من زبل الحمام ثمنه حوالي خمسين جراماً من الفضة)، قال له الله أن غداً ستكون كيلة الدقيق بشاقل (أي أن السبع لترات وثلث من الدقيق سيكون ثمنها عشر جرامات فقط من الفضة) وكيلتا الشعير بشاقل (أي أن حوالي 14.5 لتراً من الشعير سيكون ثمنها أيضاً عشر جرامات من الفضة).
هل يمكن تصديق هذا؟! في وسط هذا الواقع وهذه المجاعة؟! وكيف سيكون؟! هل سيفتح الله السماء ويمطر دقيقاً وشعيراً ؟؟ هكذا تساءل أحد جنود الملك متهكماً....
ولكن صديقي... لم يفعل الله هذا، مع أنه كان يستطيع إذا أراد، ولكن حدثت أحداث عجيبة جداً سنعرفها بعد قليل... ولكن قبل أن نعرفها أريد أن أهمس في أذنك بكلمات قليلة...
هل تشعر صديقي أنك في زمن يشبه هذا الزمن السيء الذي تدور أحداث قصتنا فيه؟؟ هل تسمع كل يوم أخباراً سيئة تقول أن الأسعار في ازدياد مستمر وأن سعر القمح ارتفع ارتفاعاً عالمياً؟؟
هل أنت في طريقك للارتباط وتتسائل كيف تستطيع أن تجد مكاناً للسكن، وسط ارتفاع أسعار العقارات.. الذي هو بسبب ارتفاع أسعار خامات البناء.. الذي هو بسبب الارتفاع العالمي لأسعار البترول.. الذي هو بسبب .... وبسبب.... وبسبب...
هل أنت أب وتفكر في مستقبل أطفالك، كيف سيكون في وسط هذا الغلاء؟ هل تفكر كيف تستطيع أن تلحقهم بمدارس وتدفع مصروفاتهم وتدبر احتياجاتهم؟ هل تئن بداخلك وتخاف في بعض الأوقات وتتساءل ؟؟ هل تحسب فواتير الكهرباء والغاز والتليفون وطعام الشهر و... و... و.... وتتساءل إذا كان دخلك سيسدد كل هذا أم لا...؟؟
صديقي... عندي لك أخباراً طيبة... تستطيع أن تُدخِل الله معك في الحساب.... فهو وعد بأن يسدد كل احتياجاتك.....
اطمئن حبيبي... فإن الله يعرف احتياجاتك... اطمئن فإن الله يعرف أيضاً هذا الزمن الذي نحيا فيه... نعم... الله يعرف ويرى... يعرف صعوبة الأيام.... اسمع معي هذه الكلمات المشجعة التي يعطيها الله لأولاده... لك ولي.... يقول الرب عني وعنك...