الشخص الذي ينشأ وينمو دون أن يجد في صغره وبداية الشباب الجرعات الكافية من الحب والفهم والشعور بأنه مرغوب في الجو المحيط في البيت أو المدرسة؛ غالباً ما يستمر احتياجه الغير طبيعي والمزمن للحب والمساندة.
فمثلا مشكلة فقد الأب أو الأم بالموت أو الطلاق أو غيره خاصة في الطفولة المبكرة، أو المشكلات الأسرية المتكررة والمزمنة؛ ينتج عنها اضطرابات نفسية مختلفة، وبداية من سن المراهقة تجد الاضطرابات النفسية تتشابك مع المشكلات الجنسية.
وهناك عوامل تؤدي إلى تزايد المشكلة مثل؛ تأخر سن الزواج - بسبب الفقر أو الدراسة أو غيره، فيصل سن الزواج تقريباً عند الشاب إلى الخامسة والثلاثين وعند الفتاة إلى الثلاثين، وأيضاً نتيجة الحروب والتشرد في مناطق غير قليلة من العالم، يختل التوازن بين نسبة الذكور إلى الإناث؛ فنجد عدد النساء يفوق عدد الرجال، مما يتسبب في معاناة عدم الزواج لعدد كبير من الإناث في مثل هذه المناطق.
والكثير من الذين يتعرضون لمثل هذه الظروف يعانون من جوع جنسي مزمن، وهو رغبة زائدة لممارسة الجنس في احتياج مُلِـح وغير طبيعي ومستمر؛ والذي يقود لعلاقات جنسية غير مشروعة، ولا يستطيع الشخص الإفلات من هذه العلاقات؛ لأنها لا ترتبط فقط بالاحتياج الطبيعي بل بطبيعة نفسية تشكلت في بيئة غير مُـشبَـعَة بالحب.
وهذا الجوع الجنسي لا يمكن لصاحبه أن يحمل أي استقرار نفسي أو عقلي, فهو لا يُبدع ولا يُنتج وهو في حالة من الحرمان المستحوذ عليه، برغم الممارسات الجنسية المستمرة في علاقة أو علاقات غير شرعية ومتعددة، و يتسبب في الكثير من المشكلات النفسية والاجتماعية والصحية التي تتطلب معالجة مشكلة الجوع الجنسي - الغير عادي - معالجة سليمة.
فما هو الحل ؟ :
(1) الاقتناع الداخلي والوضوح مع النفس، بعدم القدرة على التحكم في العلاقات الجنسية وأن هذا عجز وسلبية من الضروري جداً علاجها وعدم التهاون مع النفس فيها.
(2) الاعتراف بهذا أمام شخص موثوق فيه وقادر على المساندة ومن نفس الجنس (أو أشخاص قلائل) مثل راعي الكنيسة أو مرشد روحي أو ما شابه ، والتكلم بانفتاح لتوجد المساندة النفسية والعملية.
(3) إدراك هذا العجز عن التحكم في العلاقات الجنسية والجهاد المستمر في مواجهته، خلال المواقف المختلفة والمعاملات اليومية، مثل الضعف أمام شخصية معينة، أو التواجد في أماكن معينة، أو تلقي تليفونات من أشخاص بعينهم، أو غيره ... وعند مواجهة مواقف الضعف هذه يجب التواصل مع الشخص المساند لمناقشة كيفية التعامل الصحيح مع الموقف.
(4) العجز الشخصي عن السيطرة على العلاقات الجنسية يقابله الإيمان والثقة بالحصول على القوة من الله و الصلاة اليومية التي هي اتصال قلبي وفكري مستمر مع الله، وليس مجرد دعاء، مع اتجاه القلب نحو مقاومة العلاقات الجنسية الغير سوية، هذا يدعم ازدياد الإتجاه الإيجابي باستمرار، ويمنح المعونة والقوة الإلهية المتزايدة يوماً فيوم للشخص الذي اتجه قلبه نحو إتمام مشيئة الله في حياته والحياة في القداسة والنقاء.
(5) في بداية مرحلة المقاومة إذا حدث ضعف في موقف لا نيأس ولا ننهار بل نعتبره خسارة لمعركة واحدة، ويجب الاستمرار في الحرب التي نضمن فيها النصرة بنعمة الله "لاَ تَشْمَتِي بِي يَا عَدُوَّتِي، إِذَا سَقَطْتُ أَقُومُ. إِذَا جَلَسْتُ فِي الظُّلْمَةِ فَالرَّبُّ نُورٌ لِي" (ميخا 7: 8)
(6) وتذوق طعم الانتصار يقود لزيادة قوة الإرادة ويقوي القدرة على ضبط النفس بمرور الأيام ... وقد تحرر الكثيرين من قيود العلاقات الجنسية الغير مشروعة، فمهما كان الأمر صعب والمشكلة في نظر صاحبها مستحيلة الحل، ورغم تكرار المحاولة والفشل مرات كثيرة، لكن " هَلْ يَسْتَحِيلُ عَلَى الرَّبِّ شَيْءٌ؟ " (تكوين 18: 14) ، " اَللهُ لَنَا إِلهُ خَلاَصٍ، وَعِنْدَ الرَّبِّ السَّيِّدِ لِلْمَوْتِ مَخَارِجُ" (مزمور 68: 20) .