عظيم إيمانك---
يقول البشير متى عنها " و إذا امرأة كنعانية خارجة ... " ( مت 15 : 22 )
و يقول البشير مرقس " و كانت المرأة أممية و فى جنسها فينيقية سورية " ( مر 7 : 26 )
كان عندها الكثير من المعوقات التى تمنعها من طلب الشفاء لأبنتها ، ولكنها تحدت و انتصرت و قررت أن تنال و تأخذ من الرب ما تريده ، لا يستطيع الإنسان أن يتخلص من صعوبات طريق الأيمان بمحاولة تجنبها ، بل يجب أن يتغلب عليها و يطأ مرتفعاتها بقوة الله .
قد تكون الصعوبات حقيقية و تبدو إنها أعلى من الجبال و أصلب من الحديد ، أما الأيمان فيثق فى الله إذ لا يوجد أمام الله ما يسمى عقبة أو صعوبة . كلها كلا شئ قدامه فالأيمان بطبيعته يعلو فوق الصعوبات و المستحيلات وهذا ما تميز به إيمان المرأة الكنعانية .
كيف لا تطلب و هى ترى ابنتها تضيع و تتحطم و هى بين يديها ، و كيف لا تصرخ و ابنتها تتوجع و تتلوى من الروح النجس ،إننا لا نرى الابنة تظهر فى الصورة ، إلا أن الأم و هى تتحدث مع الرب عنها ، كانت تكشف عما فى قلبها من حب عظيم ، و رحمة كبيرة تتحدى الصعاب و المعوقات لأجل ابنتها .
لكن دعونا نركز على شخصية هذه المرأة و سنكتشف إنها :
1- ملعونة لأنها كنعانية و نوح قال قديماً " ملعون كنعان " ( تك 9 : 25 )
2- عبده لأنها " كنعانية " و نوح قال لكنعان " عبد العبيد يكون كنعان " ( تك 9 : 25 )
3- شريرة وهذا ما قيل بحسب رؤية إسحق " بنات كنعان شريرات " ( تك 28 : 8 )
4- أممية و هذا ما جاء عنها فى إنجيل مرقس .
5-من صور و صيداء .
و تظهر عظمة هذه المرأة فى الطريقة التى جاءت بها إلى يسوع
سمعت به فأتت و خرت عند قدميه " ( مر 7 : 25 ) و من هنا يتضح لنا أن هذه المرأة :
أولاً: سمعت به
ثانياً: صدقت ما سمعته .
ثالثاً: أتت إليه
لأن ابنتها مجنونة و بها شيطاناً و هى تثق أنه لا يستطيع أحد أن يحررها سوى شخص الرب يسوع
و لكن كيف جاءت ؟
أولاً : أتت إليه شاعرة بالاحتياج :
هذه المرأة لم تلتق بالرب يسوع صدفة ، بل احتياجها الشديد إليه و ثقتها فى شخصه كانا يبحثان عنه ، و لهذا فإنها إذ التقت به لم تكف عن الصراخ لحظة رغم كل الصعوبات التى واجهتها ، بل سارت وراءه فى الطريق تصيح قائلة " ارحمنى يا سيد ... " و لما دخل البيت دخلت وراءه ، لقد كانت حاجتها الملحة وراء لجاجتها فى الصراخ .
ثانياً : أتت إليه صارخة
لم تأت المرأة الكنعانية للرب لتطلب منه مجرد الطلب ، لكنها أتت صارخة ، فالصراخ يعلن عن الإحساس الشديد بالاحتياج إلى رحمة الرب و شفقة الرب " هذا المسكين صرخ و الرب استمعه و من كل ضيقاته خلصه ... " ( مز 34 : 6 )
ثالثاً : أتت إليه متضرعة خاشعة:
يقول البشير مرقس عنها " سمعت به فاتت و خرت عند قدميه ... " ( مر 7 : 25 )
نرى أنها أتت فى روح الانكسار و الأتضاع النابع من قلب معذب يحتاج إلى الرب الحنان ، و ليس ذلك فقط بل أن ما فعلته يعلن أيضاً عن الاحترام اللائق بالرب يسوع "
رابعاً : أتت إليه واثقة
ربما يتواجد فينا الشعور بالاحتياج و روح الانكسار و التذلل و لكن تبقى خطوة هامه و هى اليد التى بها نتناول عطية الله أقصد الأيمان ، فبدون الأيمان الواثق فيه و النابع من قلب يثق فى الشخص الذى نطلب منه لا يمكننا أن نستفيد شيئاً ، لذلك علينا أن نطلب من الرب بالأيمان ، و نثق أنه موجود و يجازى الذين يطلبونه .
و اخيراً حققت هذه المرأة نجاحاً عظيماً فى كل امتحان
حتى إنها سمعت القول " عظيم إيمانك "
الامتحان الأول : صمت الرب يسوع " فلم يجبها بكلمة " انه لأمر صعب على امرأة تصرخ للرب و تتوقع أنه يتحنن و يشفق عليها ، و لكنها تفاجأ بأنه لم يعطها انتباهاً أو اهتماماً .
الامتحان الثانى : قول التلاميذ " اصرفها " ما أقسى مشاعر الرفض و النبذ على نفسية الإنسان ، لكن هذا المعطل لم يثن عزمها بل ظلت تصرخ و تطلب .
الامتحان الثالث : بدا و كأن الرب أغلق الباب أمامها بقوله لها " لم أرسل إلا إلى خراف بيت إسرائيل الضالة "
لكنها اندفعت و كأنها وضعت كل جسدها و بكل قوتها دفعت الباب و أتت ساجدة و قائلة " يا سيد أعنى "
الامتحان الرابع : كان الجواب الأخير من الرب أصعب ما يكون إذ قال لها " ليس حسناً أن يؤخذ خبز البنين و يطرح للكلاب " و لكنها تخطت هذا الامتحان فقالت " نعم يا سيد " و كأنها تقول أنا موافقة أن أكون فى هذا المركز و " الكلاب أيضاً تأكل من الفتات الذى يسقط من مائدة أربابها " حينئذ أجاب يسوع و قال لها يا امرأة عظيم إيمانك .
( عظيم إيمانك )
الأيمان العظيم هو الأيمان الذى يثق فى الله و فى كلمتة المقدسة و يتمسك بوعوده و لا يدعه يمضى حتى يتقابل مع جميع احتياجاته ، لذلك و نحن فى ضعف الأيمان نحتاج أن نقول " يا رب زد إيماننا "
و هكذا نالت و أخذت رغم المعطلات و التحديات .
فى النهاية ماذا عن إيماننا نحن ؟؟؟