الزواج في الكتاب المقدس
العهد القديم
2_ شريعة موسى
وجدنا في الجزء الأول أنه بالرغم من وضوح قانون الزواج الذي وضعه الله لنا إلا أن كثيرون لم ينفذوه .... لذا نجد أن الله في شريعة موسى أهتم بوضع قوانين للزواج ومايشمله من الزنى والطلاق وغيره لذا دعونا نأخذ جولة في القوانيين التي وضعها الله ضمن شريعة موسى :
أولاً : محظورات في الزواج ( لا ويين 18 : 6 ــ 18 ) :
** " لا يقترب إنسان إلى قريب جسده ليكشف عورته ........... ولا تاخذ امرأة على أختها للضرّ لتكشف عورتها معها في حياتها ." .
** في عدد 6 هو توضيح شامل للأعداد القادمة .... حيث لا يجب الزواج من قريب جسده وقريب جسده تعني الذي من لحمه ( الأقرب في النسب ) ... ومعنى ليكشف عورته أي يتزوج به ... وحدد الله في الأعداد القادمة من هم قريب الجسد ( سنجد هنا أن الصيغة موجهة للرجل ولكن بالطبع هذا الكلام للجميع فمثلاً زوجة الأب مع الأبن ايضاً يشمل زوج الأم مع الفتاة ) :
1) الأب والأم : في عدد ( 7 ) .
2) زوجة الأب (زوج الأب) : في عدد ( 8 ) سواء في حياته أو بعد موته ومن يتعدى هذه الشريعة عقابه الموت ( لاويين 20 : 11 ) .
3) الأخت ( الأخ ) : في عدد ( 9 و11 ) ... قبل ذلك كان ممكن مثلما حدث لأولاد آدم وحوا لأنه كان لا يوجد في العالم غيرهم .... كما نجد أن إبراهيم تزوج بسارة التي هيّ أخته من أبيه ولكن بالطبع لم تكن هذه الشريعة موجودة ... لذا لن يكن يعرف أن هذا الأمر محظور .
4) الأحفاد : في عدد (10) .
5) العمة (العم ) : في عدد (12) ، كان هذا الأمر مباح قبل الشريعة ... وأما بعد الشريعة أصبح من يتزوج بعمته يرتكب ذنب ( لاويين 20 : 13 ).
6) الخالة (الخال ) : في عدد (13) أيضاً من يرتكبها يرتكب ذنب (لاويين20: 13).
7) زوجة العم ( زوج العمة ) : في عدد (14) وذلك سواء في حياته أو بعد موته ومن يتعدى هذه الشريعة يقتل ( لاويين 20 : 12 ) .
8) الكنّة ( زوجة الأبن ) : في عدد (15) سواء في حياته أو بعد موته ومن يتعدى هذه الشريعة يقتل ( لاويين 20 : 12 ) .
9) زوجة الأخ : في عدد (16) وذلك في حياته ... أما بعد مماته فإذا كان له نسل لا يجب على الأخ أن يتزوج بها، أما إذا لم يكن له نسل فعلى الأخ أن يتزوج بها لكي يقيم نسل لأخيه الذي مات ( تثنية 25 : 5 _ 10 ) .
10) ابنة زوجته (ليست أبنته) : في عدد (17) ومن يتعدى على هذه الشريعة يحرق بالنار ( لاويين 20 : 14 ) .
11) عدم الزواج بأختين : في عدد (18) وهنا يعتقد البعض بان الشريعة تتيح تعدد الزوجات ولكن يشترط أن لا يجمع بين أختين .... ولكن هذا الأعتقاد خطأ فالشريعة لم يذكر فيها بند واحد يتيح تعدد الزوجات ... فمثلاً لا يوجد نص يقول من الممكن الزواج بأكثر من واحدة أو من الممكن أن تجمع بين زوجتين ولكن يشترط أن لا يكونوا أختين.
** وقد أخذ البعض النص الموجود في تثنية 25 : 5 _ 10 بأنه نص يتيح الزواج بأكثر من واحدة ولكن إذا راجعت هذا النص جيداً ستجد أن على الأخ أن يتزوج من زوجة أخيه إذا كان لم ينجب حتى يقيم لأخيه نسل ولكن لا توجد كلمة واحد صريحة تدل هنا على تعدد الزوجات .... فمثلاً لم يقل على الأخ أن يتزوج بزوجة أخيه حتى ولو كان متزوج ... أو لم يقل أن هذه الحالة هيّ الوحيدة الإستثنائية التي ممكن أن يجمع الرجل بين زوجتين حتى يقيم نسل لأخيه .
** كما أخذ البعض النص الذي في تثنية 11 : 17 بأنه يسمح بتعدد الزوجات للملوك ...فإذا قرأنا هذا الشاهد نجده يقول :" لا يكثر له النساء لئلا يزيغ قلبه ." وهنا يتكلم عن الملك الذي يجب أن لا يكثر من الزوجات ... وهذا الشاهد يؤكد عدم وجوب الزواج بأكثر فالشاهد لم يحدد العدد الذي يجب أن يتزوجه الملك ولا يكثر عنه ولكن الشاهد واضح .... ومن الممكن أن يكون هذا الشاهد دليل على عدم تعدد الزوجات حيث يكفي للرجل زوجة واحدة لا أكثر .
** أما الذي يأخذ أن هناك رجال لله تزوجوا بأكثر من واحدة مثل إبراهيم ....داود .... سليمان .... يعقوب ... سنجد أن إبراهيم ويعقوب كانوا قبل الشريعة وأما داود وسليمان فهم لم ينفذوا الشريعة وبالطبع هذا خطأ وضعف بشري حيث ليس بار ليس ولا واحد وذلك كان رأي داود نفسه ( مزمور 14 : 3 ) فمَن من البشر لم يخطئ ... إن الوحيد الذي لم يخطئ هو السيد المسيح لذا فالجميع يحتاج لنعمة المسيح وفداءه .
ثانياً : الخيانة الزوجية ( عدد 5 : 11 ــ 31 ) :
" وكلم الرب موسى قائلاً ...... فيتبرأ الرجل من الذنب وتلك المرأة تحمل ذبنها" .
هذا المقطع يتكلم عن الخيانة الزوجية التي تحدث في الخفاء والتي لم يراها الزوج.
فإذا شعر الزوج بأنه زوجته خانته عليه أن يأتي بها إلى الكاهن ويأتي بقربان ... وهو عبارة عن طحين شعير ( نوع رخيص من الطحين ) ولا يرش عليه الزيت والبخور ( فهما رمز لعمل الروح القدس وتأثيره والصلاة )1 ولذلك لا يستخدما في هذه الحالة.
ثم يقفوا أمام تابوت الرب ... تقف المرأة أمام التابوت وهيّ حاملة في يديها التقدمة ....
ويأخذ الكاهن الماء المقدس ( ماء يطرح فيه رماد البقرة الحمراء ... ففي يوم إقامة الخيمة أحرق ليعازر الكاهن بقرة حمراء ورش الشعب برمادها )2 ثم يأخذ من الغبار الذي في ارض المسكن (التراب) وهو دليل على اللعنة ... حيث من لعنة الخطيئة أن تأكل تراباً ( كما لعن الله الحية في تكوين 3 : 14 ) .... وبعد ذلك يكشف الكاهن رأس المرأة كما يكشف رأس الأبرص ويقول لها .... انه عليها أن تشرب الماء وإذا كانت لم تخن زوجها تكون بريئة ولا يحدث لها شئ أما إذا كانت خائنة فبعد أن تشرب الماء ( ماء اللعنة) سيحدث لها ورم في البطن وإسقاط (ذبول) في الفخد وتكون حلفاً للشعب أي يقول الناس عند الحلف " جعلني الله كفلانة إن كنت فعلت كذا ...." ، ثم يأخذ من المرأة التقدمة ويضعها على المذبح ثم يعطيها الماء لتشربه.... فإذا كانت بريئة من تهمة الزنى لا يحدث لها شئ ولا تصبح عاقر ... أما إذا كانت مذنبة فتورم بطنها ويذبل فخدها وتصبح ملعونة وتتجمل ذنبها والعقاب على هذا الذنب .
** في هذا الوضع عندما يشك الزوج في زوجته ولكن ليس معه الدليل يكون الحل الوحيد هو وضع الأمر بين يدي الله وهو الذي يوضح براءة المرأة أو إتهامها ... فحتى الآن لم يعرف العلاقة بين الماء والمر وذبول الفخد وورم البطن ... ولكن هذا الأجراء الذي يتم ماهو إلا عبارة عن دفع الأمر بين يدي الله وهو الذي يعطي التقرير عن هذه الزوجة3 .
**أما بالنسبة للزوجة التي أمسكت بذات الفعل فالعقاب هو الرجم لها وللرجل
الذي زنى معها ( تثنية 22 : 22 ) .
ثالثاً : عذرية الفتاة ( تثنية 22 : 13 ــ 30 ) :
"إذا أتخذ رجل امرأة ...... حتى تموت لانها عملت قباحة في إسرائيل بزناها في بيت أبيها فتنزع الشر من وسطك ."
في هذا المقطع يتكلم عن وجوب محافظة الفتاة على عذريتها ولا تمارس الجنس قبل الزواج فهذه أمانة يجب أن تحافظ عليها ... أما إذا لم تحافظ الفتاة على عذريتها وأخفت عن عريسها هذا السر وأكتشفه هو بعد الزواج فعليه أن يشتكي والنتيجة أن رجال مدينتها يرجموها بالحجارة حتى الموت .
أما إذا كانت مظلومة وكان زوجها يدعي عليها فيأمر الشيوخ الزوج أن يدفع مئة شاقل من الفضة ويؤدبونه وتبقى هذه الفتاة زوجة له حتى الموت ولا يستطيع أن يطلقها كل أيام حياته...
نجد أن هذه الشريعة تحافظ على الزوجة من الرجال ذو الوسواس، وتجعل الزوج يراعي حرمة زوجته .
كما نجد أن هذا النص من الشريعة والذي يهتم بالخطايا الجنسية التي تتم قبل الزواج توضح أهمية قداسة العلاقة الجنسية خلال الزواج فقط وليس خارجها أو قبله ... كما أنها توضح أن هذا النوع من الخطية يؤدي إلى إنهيار البيت وخاصة إذا لم تكن الصراحة موجودة قبل إتمام الزواج .
رابعاً : الطلاق ( تثنية 24 : 1 ــ 4 ) :
" إذا أخذ رجل امرأة وتزوج بها .... التي يعطيك الرب إلهك نصيباً ." .
يوضح هذا المقطع ان الطلاق لابد أن يكون بسبب أو لعلة في الزوجة ... فالزوجة لم تجد نعمة في عيني زوجها لأنه وجد عيب فيها هذا يعطيه الحق أن يطلقها، وبعد الطلاق من الممكن أن تتزوج مرة أخرى، وإذا طلقت مرة أخرى لا يستطيع الزوج الأول أن يعود إليها إذا أراد ذلك .. وهذا توضيح أن الطلاق والزواج ليس لعبة في أيدي الإنسان فإذا كان طلق امرأته عليه أن يتحمل مسؤلية هذا القرار لأنه لن يرجع لها مرة أخرى .
** كما نجد أن الشريعة لا تشجع على الطلاق إلا بسبب عيب موجود في الزوجة وهنا أتذكر كلمات السيد المسيح بخصوص هذا الشأن في ( متى 19 : 7 _ 11 ) بأن الشريعة لم تمانع الطلاق هذا بسبب قساوة القلوب ولكن هذا لم يكن موجود منذ البدء بل على الزوج والزوجة أن يكونا جسدا واحداً ويلتصقوا ببعض دون إنفصال ( راجع الجزء الأول من الزواج في الكتاب المقدس ) .
(1) السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم – راجع تفسير الشاهد
(2) المرجع السابق
(3) التفسير التطبيقي