عزيزي سعـــيد ...
أنا سعيد بك كشخص واضح وجريء ومخلص معنا ومع نفسك واحتياجاتك ورغباتك ...
لكن اسمح لي أن أسألك : هل أنت "واضح" و "جريء" و"مخلص" مع زوجتك كما أنت معنا ؟!.
أتفق معك في أنك "حر فيما لا تضر" وإلى الآن – من حيث الظاهر على الأقل – لم تضر نفسك ولا زوجتك ولا أطفالك لأن ما يحدث ما زال تحت ظلال الكتمان... لكن لو عَلِمَتْ زوجتك بطريقة أو بأخري بعلاقتك بهذه الفتاة ؟! ... هل عِلمها بهذه العلاقة سيضرها ويضر بيتك وأطفالك وحياتكم أم لا ؟ ...
إنك يوم توقيعك أنت وزوجتك على عقد الزواج هذا يعني أن كل منكما قد دخل في عهد مع شريكه ... وبموجب هذا العقد وما يتبعه من عهد أمام الله والشريك و الناس , تكون ممارسة الجنس لأي منكما فقط مع شريك العقد والعهد ...
واسمح لي يا عزيزي أن أتجرأ وأفترض افتراضاً قد لا يرضيك :
ما رأيك لو أنت مكان زوجتك وزوجتك مكانك , وعَلِمْتَ يوماً أن زوجتك هي التي تمارس "الحرية الجنسية" وعندما واجهتَها قالت لك :
[حبيبي سعيد ... "أنا حرة فيما لا أضر" أنا أعطيك ما تريد داخل البيت وفي غرفة النوم ... لكني خارج بيتنا أنا "حرة جنسياً" , ولي رغبات واحتياجات جنسية أشبعها مع رفيقي , وما يخصك زوجي العزيز هو ألا يوجد في أحشائي جنين من رفيقي ؛ وأنا وهو كنا ومازلنا طوال هذه السنوات من علاقتي به حريصين جداً على هذا وسنستمر , اطمئن تماماً ... بل أيضاً طوال هذه السنوات حرصنا ألا نؤذِ مشاعرك , فلم تعلم أصلا إلا بعد سنوات وبالصدفة ]
متأسف جدا لو أغضبتك بافتراضي هذا , لكن إذا أخَلَ أحد الطرفين بشروط كل من العقد والعهد فمن حق الطرف الآخر , إما أن يفسخ العقد ويكون في حل من العهد ... وإما أن يخل هو أيضاً بنفس الشروط التي أخل بها الطرف الأول , حسب المبدأ الهام "كل ما تريدون أن يفعل الناس بكم هكذا افعلوا أنتم أيضاً بهم" ؟!
وليس أمامك عزيزي إلا أن تقبل واحدة من اثنين :
1- أن تفعل زوجتك مثلما تفعل أنت تماماً , وتعطيها نفس الحق الذي أعطيته لنفسك ... وأرى أن هذا مرفوض طبعاً.
2- تعلن أنك لا تقبل من زوجتك أن تفعل هذا وبالتالي لا يحق لك أنت أيضاً.
وأنا معك في أن "البحث عن الجنس" غريزة خلقها الله فينا , تماماً كما خلق فينا غريزة "البحث عن الطعام" ... ودعني ألتقط منك الخيط هنا , وأتحدث بمنطقك صديقي العزيز ... ماذا لو كان الطعام الذي في بيتك قليل بالنسبة لك ولايُشبعك , ونفترض (الله لا يسمح) أنه ليس عندك مال لتشتري طعام ... هل هذا يعطيك الحق أن تدخل محل لبيع المواد الغذائية وتأخذ كل ما يشبعك خفية دون أن يراك أحد ؟!. ولأن الله هو الذي خلق فيك غريزة "البحث عن الطعام" هل هذا يبرر أن تأكل خفية ما يمكن أن يصل ليدك ولفمك؟! . أم أن هناك ضوابط وقواعد ومباديء , وضعها الله أيضاً , ووضعها المجتمع الذي نعيش فيه , ووضعها القانون الذي يضمن لنا ولغيرنا الحرية ... فنسدد ونشبع احتياجاتنا في الوقت والمكان المناسب وبالطريقة المناسبة.
وأنا معك أن الله خلقنا "أحرار" ... لكن ما هو المفهوم الصحيح للحرية ؟! ... أقول "النهر حر الجريان طالما له ضفتان لحماية جريانه" لكن ماذا لو هدمنا ضفتي النهر؟ ... لن يصبح له حرية ولا جريان ولا هدف . بل لن يصبح نهراً فيما بعد ...
هكذا كل واحد منا ... نعم وبكل تأكيد أنت "حر" ... ولو افترضنا جدلا أنه لا يوجد قانون مدني ولا عرف للمجتمع , ولا يوجد إله ولا شريعة ... فأنت وأنا والآخرين أحرار "حرية مطلقة" بلا ضوابط ... فهل هذا يليق ؟!
لكن نشكر الله يا صديقي , أن هذا الافتراض وهمي جدلي . فالله والدين والشريعة الإلهية , والقانون المدني , والعرف الاجتماعي , يحمي لي ولك وللآخرين الحرية الحقيقية .
نعم صديقي العزيز ... الضفتين التين تحميان وتحددان حرية جريان نهر حياتي وحياتك هما "الله والناس" ولا يستطيع أي منا أن بعيش دون الله أوالناس ... لأن الله لابد أن يكون موجود وكذلك الناس ...
وأدعو الله , أن يقودني وإياك إلى رضاه هو أولاً قبل رضا الناس عنا ... وأن يدربنا أن نرضي من نحبهم أولاً قبل أن نرضي أنفسنا وغرائزنا ...
وأقول لك ولنفسي ولكل المتزوجين , إن كل ما نفعله يومياً في السِر أو العلن إما أن يقود إنساننا الداخل والخارج إلى التقاء وانسجام وتناغم وتفاهم مع شريك الحياة (كان زوج أم زوجة) , أو يقودنا إلى ابتعاد وعدم راحة ونفور من شريك الحياة .
ومن هذا المنطلق أدعوك إلي :
o لقاء حب منفرداً مع زوجتك مرة على الأقل إسبوعياً , تناقشان فيه مشاعركما وأفكاركما وكل ما يخص علاقتكما فكرياً وعاطفياً و جنسياً و ... وأن تحرص أنت وهي على هذا اللقاء الهام جدا .
o و لقاء حب يومي , منفردا مع الله , تتأمل فيه حياتك اليومية , وعلاقاتك مع الله ونفسك والناس .
ولنمارس حريتنا الحقيقية , تحت ظل سلطة الله الضابطة لنا ولغرائزنا في النور وفي العلن , وأقول لنفسي ولك ولكل من يقرأ هذه الكلمات "ليس خفي إلا ويعلن ولا مكتوم إلا ويستعلن" ؛ "فلا تفعل في السر ما تخشاه في العلانية".