الإشاعات.. أزمة اجتماعية ومشكلة روحية

الإشاعات أخبار يتداولها الناس, ولا تركز على واقع أو منطق، فهي كلمات متناثرة أو أخبار قد تهدم أفراداً أو مجتمعات وقد تؤدي إلى نشوب الحروب.. ومن هنا أهتم كاتب كتابنا هذا بتقديم الظاهرة على المستوى الفردي والمجتمعي في طابع يغلب عليه البساطة والواقعية معاً, محللاً إياها ومبيناً أسبابها وآثارها المدمرة.


ما هي الإشاعات؟


الإشاعة شأنها شأن كل أشكال التعبير الإنساني، فهي ظاهرة اجتماعية قديمة قدم الإنسان, وهي وليدة قدرة الإنسان على الكلام والتواصل الشفهي مع الآخرين، أي أنها تمثل الشكل القديم للتخاطب الجماهيري.. ولقد عانى السيد المسيح من الأقوال والإشاعات التي كانت تتناثر حوله في كل مكان، ولعل الإشاعات الكثيرة التي ترددت حول رب المجد وكانت لها أصداء في نفوس التلاميذ التي جعلت المسيح يسأل تلاميذه "من يقول الناس أني أنا.. وأنتم ماذا تقولون؟".. كذلك الرسول بولس عانى كثيراً من الأقوال والإشاعات حتى أنه يقول في (2 كورنثوس 4:6-8) "في كل شيء نظهر أنفسنا كخدام الله في صبر كثير في شدائد.. بمجد وهوان بصيت رديء وصيت حسن.. كمضلين ونحن صادقون". ومن يقلب صفحات التاريخ سيجد الكثير من الإشاعات التي كان لها أثر قوي في الأحداث.


ما أنواع الإشاعات؟


- إشاعة خوف: تكون وليدة المخاوف والوساوس مثل خوف الجواسيس العشرة الذين تجسسوا أرض الموعد خافوا من بني عماق فأشاعوا مذمة وسط الشعب.

- إشاعة الكراهية: بسبب مشاعر الكراهية والعداء من جهة آخرين مثل ما أشاعه الفريسيون عن يسوع أنه بلعزبول رئيس الشياطين.

- إشاعة الرغبة والأماني: وهي عبارة عن تنفيس لاحتياجات ورغبات وتصبح دلالتها السيكولوجية شبيهة بدلالة الأحلام التي تنفس عن رغبات الإنسان. ومثال لذلك ما حدث في كنيسة تسالونيكي عندما تحدث بولس في رسالته الأولى عن المجيء الثاني, ودفعت الرغبة في معاصرة هذا المجيء إلى انتشار بعض المفاهيم الخاطئة.


لماذا تظهر وتنتشر الإشاعات وما هي نتائجها؟


لا شك أن تركيبة المجتمع وطريقة تربية أفراده فكريا ونفسيا تركيبة ملائمة لانتشار الإشاعات، إذ ليست لدينا العقلية النقدية والعلمية. أيضا المنافسة والتوتر واختلاف الرأي بين الأفراد والجماعات بالإضافة إلى الفراغ والبطالة والرغبة في التسلية، وأيضا قد تكون بهدف الرغبة في جذب الانتباه والشهرة.. إلا أن الإشاعات تؤثر علينا سواء كأفراد أو كجماعة بطريقة سلبية وهدامة وقد تقوض الأخلاقيات وتضعف الثقة في المبادئ وأيضا تضعف روح الانتماء وتدمر الروح المعنوية للشخص أو الجماعة وتنشئ جوا من التشويش والفوضى..


أخيرا.. نحن نعيش في عالم تصنعه كلماتنا, والكلمات تنبع من القلب والفكر والضمير, وبكلماتنا يمكن أن نخلق شيئا لم يكن موجوداً.. نستطيع أن نخلق الأذى أو الراحة.. البركة أو اللعنة.. بينما يمكننا أن نتكلم بكلمات الله ونخلق الحلول.. وإن تكلمنا بكلمات المسيح فإن عالمنا يخلق من جديد عالما سماويا, فمكونات السماء هي المحبة والنور والبر.. دعي قلبك يتغير أولا وسوف يتغير تفكيرك وتتغير كلماتك ويتغير عالمك..