هناك فلسفتان: هل يبدأ الحب قبل الزواج أم بعده؟ من هذا تأخذ مذاهب الفكر دورها في قيادة حياة الإنسان.أحيانا ترغم الفتاة على الزواج من فتى معين، فيبدأ الحب بالنسبة لها بعد الزواج، أو ربما لا تشعر بهذا الحب أبدا فتعيش حياة تعيسة وغير منصفة لها. ولما كانت العلاقة بين الاثنين مبتورة قبل الزواج، فإن مثل هذا الحب - حتى لو كان موجودا من طرف الزوج فإنه يعتبر حباً ناقصاً. فعندما يقول شاب أنه أحب فتاة دون أن يجلس معها ويتحدث إليها، ويكون علاقة فكرية معها، فهذا حب من أول نظرة، وهو في عمقه "عاطفي" يخلو من علاقة صادقة ولا يمكن أن يكون الحب الذي يستمر. وأحياناً عندما تتم الخطوبة تشترط فيها أسرتا الخطيبين أو إحداها وبخاصة إذا كانت أسرة محافظة عدم لقائهما المنفرد، فتتم كل اللقاءات مع تواجد أحد أفراد الأسرة أو ربما أكثر. لكن اللقاء هنا لا يعطي الخطيبين فرصة كافية للدراسة المشتركة والتجاوب الفكري وحرية التصرف بعفوية.
هناك حب يبدأ قبل الخطوبة، وهناك حب يبدأ في فترة الخطوبة، وهناك حب يبدأ بعد الزواج، والأفضل أن يبدأ الحب قبل الخطوبة، ثم ينمو ويترعرع أثناءها، ويتعمق بعد الزواج. أما إن استحالت إمكانيات اللقاء قبل الزواج للظروف الاجتماعية المحيطة، فإنه لا بد للطرفين من بناء العلاقة. والمعتاد أن كثيرا من الأسر تسمح بلقاء الخطيبين أثناء فترة الخطوبة وخروجهما سويا وانفرادهما للتفاهم واكتشاف شخصيتهما والاستعداد نفسيا وروحيا للمستقبل.
هل يمكن تنشأ بين زملاء العمل أو الدراسة علاقة تنتهي بالزواج؟ تتوقف أمور كثيرة على وسط الزمالة سواء في شركة أو مؤسسة أو كلية دراسية، ويبدأ الحديث يدور حول الشخصين المقربين من بعضهما عندما يبدأ الحب بينهما، وتدور أفكار كثيرة حولهما تارة بالتأييد وتارة بالانتقاد، فمن قائل أنه لا يستحقها، وآخر العكس أنها لا تليق به، بل قد تشمل التعليقات خروجهما وغيابهما معا، وتدخل الإشاعات والأقاويل والقصص حولهما، ونحن مجتمع يهوى القيل والقال. لهذا تجد الفتاة أن فرصتها للتعرف على شاب والدخول في علاقة بريئة وملتزمة أمرا مكلفا جدا لسمعتها، ولا يمكن أن ترضي مجتمعها وهي تمارس هذا الحق في ترتيب حياتها، ولهذا وجب أن يكون الأهل الحاضن الوحيد لتتعرف الفتاة إلى شاب وتحت رقابة أهلها، وموافقتهم حتى لا تعطي فرصة للآخرين في تشويه سمعتها، وحتما لا يمكن أن يقفز الشخص فوق العادات والتقاليد دون أن يجرح ويدان.
لذلك فإن فرصة الحب قبل الزواج تحتاج إلى بيئة سليمة وأجواء مريحة بين العائلة والعائلة الأخرى لكي يعطوا فرصة لأولادهم لبداية صحيحة وسليمة. ويستطيع زملاء العمل أو الدراسة معرفة الكثير عن بعضهما من خلال المجموعة والفريق الكبير الذي يعطى كل واحد فيه فرصة للتعبير عن رأيه وأسلوبه في الحياة وطريقة أداءه تجاه الكثير من الأمور، وهذا يعطي فرصة كبيرة للاقتناع بالطرف الآخر والتعرف عليه بعمق دون الحاجة إلى الاختلاء والعلاقة الفردية بعيدا عن المجموعة، فهذا يؤثر عليهما في المستقبل وخصوصا الفتاة التي تسجل لها كل تجربة عاطفية كنقطة سلبية في رصيد سيرتها.
لذلك عزيزتي الصبية، على الفتاة أن تزن خطواتها جيدا وأن تعرف الحد الفاصل بين الحرية المسئولة والتسيب، وهذا ما تحدده الفتاة بنفسها عندما تضع حدودا لحياتها وتصبح هذه الحدود محترمة ومقبولة من الزملاء، وتساعدها في عدم الدخول في مشاكل هي في غنى عنها، فعندما يعرف الشاب أن هذه الفتاة لن تخرج معه بمفردها، لا بد أنه لن يطلب منها ذلك أو يزعجها، وبهذا يكون لكل شخصية حدودها ونمط لحياتها تلزم به الآخرين من جهتها. أما الفتاة التي تجعل نفسها متاحة للجميع فهذه ستجد أنها فتحت الأبواب التي لا يمكن إغلاقها من تطفل الآخرين عليها، ويجد الشاب نفسه مدفوعا لكي يحاول معها مرة ومرتين وأكثر حتى يصل معها إلى علاقة عابرة قد تنتهي بعد مدة قصيرة وتكون محاولة للهو فقط.
إن الحب علاقة بقدر ما هي معتمدة على العاطفة، تعتمد أيضا على العقل والمنطق بقدر كبير، لذلك لا تندفعي وراء قلبك فقط وعواطفك، بل أعطي للعقل أيضا فرصته في وزن الأمور والتعامل مع هذه العلاقة بجدية ومسئولية وعندها لن يفشل هذا الحب أبدا.
:k34ok:
هاهاهاهاهاهاههاهاهاهاهاههاهها