اعطاني قوة للتغيير
ولدت ونشأت في دولة عربية إسلامية. عندما ولدت أسماني والدي باسم محمد. تربيت في أجواء إسلامية. تعلمت في مدارس قومية. عندما وصلت إلي مرحلة البلوغ كنت مثالاً للمسلم الذي لديه تعصب هائل لدينه وثقافته، حيث كنت معاد المسيحيين وأكره اليهود. وقد كان لمصادماتي مع المسيحيين تأثيرات هائلة. بعد تخرجي في الجامعة وعملي كموظف لفترة قصيرة، بدأت العمل الخاص بي بعد وفاة والدي الذي ورثت عنه أموال كثيرة. لم يكن مباشرة عملي الخاص سهل أو طريقاً مفروشاً بالورود.! فقلة خبرتي في التجارة جعلت النجاح صعباً. أفلست وتراكمت علىّ ديون، وأدركت أن السجن هو مصيري في القريب العاجل. قررت أن أبيع كل ما يمكنني بيعه. وبعد ذلك أختفي بعيداً عن الأنظار، وألاّ أعود لبيتي أبداً.
عشت في البيت في ورطة كبيرة وديون، ولكني لم أعد اتحمل فهربت إلي مكان بعيد جداً حيث لا يستطيع أحد من الدائنين أن يصل إلىّ. أقمت هناك وأسست شركة خاصة وبدأت من جديد. ابتسمت الحياة في وجهي هذه المرة ونجحت. حملتني إنجازاتي إلي المزيد من الغرور والطمع. حاولت العودة الى وطني ولكن فهمت من بعض الأقارب خلال ذلك الوقت أنني إذا عدت سيتم القبض علىّ في الحال علي الحدود أو في المطار. جعلني هذا الأمر أشعر بالحزن فقد أصبحت طريد العدالة. كل هذه الأشياء دفعتني للمغامرة في بعض الأعمال. أردت الغني حتى أتخلص من ديوني وتمكنني من استعادة احترامي مرة أخرى. فقامرت بكل ما أملك وقبلت بعض المجازفات الخطيرة، بحيث خلقت لنفسي أعداء. هكذا أودت بي حماقتي إلي هزيمة بالإضافة إلي مطاردة أحد أعدائي لي. هربت مرة أخري إلي دولة جديدة، وتركت كل شئ خلفي. أغلقت جميع الأبواب في وجهي ووجدت نفسي في هوة عميقة حتي أنني اضطررت مراراً عديدة أن أنام في الشارع. ملأني خزي شديد في هذا الوقت وفقدت كل الآمال. ذهبت إلي المساجد والجوامع، وحاولت أن أصنع سلام مع الله ولكنه رفضني بوضوح، فكل توسلاتي وتضرعاتي باءت بالفشل، وكأني اناجي إله
غافل، لا يبالي ولا يهتم بعبيده. حتي إخواني المسلمين للأسف لم يلتفت أحد منهم إلىّ بل سخر بعضهم مني. بينما كنت يائس تماماً تقابلت مع أحد المعارف الذي نصحني أن ألجأ إلى بعض الأخوة المسيحيين ربما يستطيعون مساعدتي، بصرف النظر عن آرائي ضد المسيحية والمسيحيون حينذاك. على كل حال فقد قررت أن أتبع نصيحة هذا الصديق وأذهب إلى الكنيسة لأجرب حظي. لم يكن الدافع هو البحث عن دين جديد أو إله أو اي اتجاه روحي، ولكن إيجاد وسيلة للخروج من هذا الاضطراب العظيم.في صباح يوم أحد عثرت علي عنوان كنيسة في الجريدة المحلية، فذهبت، لم أكن أتوقع ما رأيته، فقد كان معظم المسيحيين هناك ودودين ولطفاء مع كل شخص. وبالرغم أنني قد أخبرتهم انني مسلم، إلا انهم رحبوا بي في بيوتهم. بعد فترة ما وبسبب العديد من الدوافع الخاطئة قررت أن أدعي أنني أصبحت مسيحي، حتى أكتسب عطف هؤلاء المسيحيين، فالاسلام علمني أن أموالهم غنيمة لنا. ونجحت في صنع هذه المسرحية الرخيصة. في خلال ذلك الوقت، طلب مني راعي الكنيسة أن أشغل وظيفة بواب للكنيسة. قبلت وشعرت أنني محظوظ لحصولي علي هذه الوظيفة تأثرت بثقة راعي الكنيسة فىّ، حيث وضع المبني تحت تصرفي. كما عرض علىّ أيضاً أن أنتقل وأعيش في الكنيسة كي أقلل نفقاتي. كانت مهام عملي بسيطة جداً في إنجازها مما أتاح لي الكثير من وقت الفراغ لذلك كرست نفسي لدراسة الكتاب المقدس لاعتقادي أنه إذا تمكنت من الإلمام بالإنجيل بصورة جيدة فإن هذا سيسهل علىّ قيادة هؤلاء المسيحيين إلي الإٍسلام. كنت أشعر أغلب الأحيان بافتخاري ببري الذاتي. فأنا من الداخل مازلت مسلم احمل في قلبي حقداً ومرارة تجاه هؤلاء الكفار. فقد كان إيماني واعتقادي في الإسلام قوي جداً وثابت، فالإسلام لم يكن بالنسبة لي دين فقط ولكنه جزء من ثقافتي وهويتي وفخري وكياني. في ذلك الحين أتيحت لي فرصة التفاعل مع أناس من أديان وخلفيات مختلفة. كنت أعتقد في أغلب الأحيان أنني الشخص الذي يملك الحقيقة ولكني فعلياً كنت أحاول فقط إثبات نفسي وأنني علي صواب، حيث كنت أخشي لعنة وعقاب الله.
بينما كنت جالساً بمفردي افكر في حالي، تذكرت شيئاً خطيراً، كان قد ذكره لي أبي وأنا طفل، عندما كنت رضيع أصابني مرض خطير واضطرت أمي أن تتركني في المستشفي في وحدة الرعاية المركزة لمدة ثلاثة أيام وكانت الممرضة هذه الانسانة أنقذت حياتك عندما » المسئولة عني انسانة مسيحية، أخبرني والدي أن ولم أفهم أبداً ماذا كان يقصد بهذه الكلمات إلاّ « صلت من أجلك واستجاب لها الرب بعد أن أنار الله ظلمتي، وهداني الى طريق الحق. بعد هدايتي الإسمية إلي المسيحية بدأت أن أتعمق في الإنجيل لاستخراج الخيوط التي تجعل كل من الإسلام والمسيحية على وفاق، وأن كلاهما مقبولان لدى الله . علي أية حال، فبطريقة عكسية بدأت ألاحظ أن الفرق بينهم يزداد عمقاً واتساعاً للدرجة التي تجعل انتماء هذين الدينين إلي مصدر واحد مستحيل. في هذا الوقت لم أستطع أن أبوح لأي شخص أو أشاركه عن استفساراتي. لذلك فقد احتفظت بكل هذه الشكوك تعذبني في داخلي بسبب خوفي. اعتقدت أنه إذا علم راعي الكنيسة بوجود كل هذه الشكوك بداخلي، حتماً سيلقي بي خارج الكنيسة ويسلبني وظيفتي. لم أستطع أن أتحمل الاستمرار في القيام بهذه اللعبة القذرة أكثر من ذلك. قررت هذه المرة أن أجد الحقيقة بأي ثمن. فصمت ثلاثة أيام متتالية. كنت لأول مرة أصلي من أعماق قلبي حقاً، دعوت الله خالق الكون، وطلبت منه أن يعلن لي عن الحق ولا شئ غير حقه، وصنعت معه عهد بأنه إذا أعلن لي عن نفسه، سأتبع طريقه حتي ولو كان مختلف عن الإسلام والمسيحية واليهودية.
انتظرت أسابيع عديدة وبدأ وكأن شئ لم يحدث حتي صرت قلق جداً ومتضايق. أخيراً، قررت أن أتكلم علانية وأسأل راعي الكنيسة مباشرة. مازلت أتذكر حيث كان مساء يوم سبت، في نهاية اجتماعنا في هذا المساء أخبرته أنني لم أستطع إيجاد أي موضوع في الإنجيل يتحدث عن يسوع كإله. ففتح إنجيله في الحال بكل هدوء ووداعة وطلب مني أن ألقي معه نظرة علي هذه الآيات : ” قال يسوع أَنَا وَالآبُ وَاحِدٌ. فَتَنَاوَلَ الْيَهُودُ أَيْضًا حِجَارَةً لِيَرْجُمُوهُ. أَجَابَهُمْ يَسُوعُ ” أَعْمَالاً كَثِيرَةً حَسَنَةً أَرَيْتُكُمْ مِنْ عِنْدِ أَبِي. بِسَبَبِ أَيِّ عَمَل مِنْهَا تَرْجُمُونَنِي؟ “ لَسْنَا نَرْجُمُكَ لأَجْلِ عَمَل حَسَنٍ، بَلْ لأَجْلِ تَجْدِيفٍ، فَإِنَّكَ وَأَنْتَ »: أَجَابَهُ الْيَهُودُ قَائِلِينَ « إِنْسَانٌ تَجْعَلُ نَفْسَكَ إِلهًا أَلَيْسَ مَكْتُوبًا فِي نَامُوسِكُمْ: أَنَا قُلْتُ إِنَّكُمْ آلِهَةٌ؟ إِنْ قَالَ آلِهَةٌ لأُولئِكَ » : أَجَابَهُمْ يَسُوعُ الَّذِينَ صَارَتْ إِلَيْهِمْ كَلِمَةُ اللهِ، وَلاَ يُمْكِنُ أَنْ يُنْقَضَ الْمَكْتُوبُ، فَالَّذِي قَدَّسَهُ الآبُ وَأَرْسَلَهُ إِلَى الْعَالَمِ، أَتَقُولُونَ لَهُ: إِنَّكَ تُجَدِّفُ، لأَنِّي قُلْتُ: إِنِّي ابْنُ اللهِ؟ إِنْ كُنْتُ لَسْتُ أَعْمَلُ أَعْمَالَ أَبِي فَلاَ تُؤْمِنُوا بِي. وَلكِنْ إِنْ كُنْتُ أَعْمَلُ، فَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا بِي فَآمِنُوا (38 – 30 : يوحنا 10 ) .« بِالأَعْمَالِ، لِكَيْ تَعْرِفُوا وَتُؤْمِنُوا أَنَّ الآبَ فِيَّ وَأَنَا فِيهِ فَإِنَّ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ فِي السَّمَاءِ هُمْ ثَلاَثَةٌ: الآبُ، وَالْكَلِمَةُ، وَالرُّوحُ الْقُدُسُ. وَهؤُلاَءِ الثَّلاَثَةُ هُمْ وَاحِدٌ. وَالَّذِينَ يَشْهَدُونَ فِي الأَرْضِ هُمْ ثَلاَثَةٌ: الرُّوحُ، وَالْمَاءُ، وَالدَّمُ. وَالثَّلاَثَةُ هُمْ فِي الْوَاحِدِ. إِنْ كُنَّا نَقْبَلُ شَهَادَةَ النَّاسِ، فَشَهَادَةُ اللهِ أَعْظَمُ، لأَنَّ هذِهِ هِيَ شَهَادَةُ اللهِ الَّتِي قَدْ شَهِدَ بِهَا عَنِ ابْنِهِ. مَنْ يُؤْمِنُ بِابْنِ اللهِ فَعِنْدَهُ الشَّهَادَةُ فِي نَفْسِهِ. مَنْ لاَ يُصَدِّقُ اللهَ، فَقَدْ جَعَلَهُ كَاذِبًا، لأَنَّهُ لَمْ يُؤْمِنْ بِالشَّهَادَةِ الَّتِي قَدْ شَهِدَ بِهَا اللهُ عَنِ ابْنِهِ. وَهذِهِ هِيَ الشَّهَادَةُ: أَنَّ اللهَ أَعْطَانَا حَيَاةً أَبَدِيَّةً، وَهذِهِ الْحَيَاةُ هِيَ فِي ابْنِهِ. مَنْ لَهُ الابْنُ فَلَهُ الْحَيَاةُ، وَمَنْ لَيْسَ لَهُ ابْنُ اللهِ فَلَيْسَتْ لَهُ الْحَيَاةُ. وَنَعْلَمُ أَنَّ ابْنَ اللهِ قَدْ جَاءَ وَأَعْطَانَا بَصِيرَةً لِنَعْرِفَ الْحَقَّ. وَنَحْنُ فِي الْحَقِّ فِي ابْنِهِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ. هذَا هُوَ (20 ، 12 – 7 : الإِلهُ الْحَقُّ وَالْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ.“ ( 1 يوحنا 5
بعد أن استمعت الى هذه الآيات فجأة حدث شئ لا يصدق. يبدو وكأنني كنت أعمي أو يغطيني حجاب روحي مظلم فبدأت أقرأ الإنجيل مرة اخرى في نور واضح وباستنارة روحية، وأصبحت كلمات الإنجيل حية وتحمل قوة في داخلها. فإعترفت بخطيتي وقبلت المسيح كمخلصي الوحيد. هذه المرة كانت شهادتي بإيمان وثقة كاملة في المسيح. مازلت لا أستطيع وصف هذه اللحظات، فأدركت أن خلاصي وفدائي كان بفضل نعمته ورحمته وليس لشئ صالح فىّ. بعد اهتدائي للمسيح مباشرة، تلاشى كلياً كل بغض ومرارة كانت متراكمة لسنين طويلة تجاه الشعب اليهودي والعالم المسيحي. مرت سنوات علي هدايتي. كانت هذه السنين بالنسبة لي فترة تجديد وتحول في شخصيتي وطبيعتي وفكري وسلوكي. سدد الرب احتياجاتي وأرسل لي كل المبلغ الذي أحتاجه لتغطية ديوني. كما أنه وهب لي زوجة فاضلة. لقد أعتقني المسيح من أتعابي وأنقذ حياتي من الدمار، وأعطاني حياة جديدة مليئة بالرجاء والسلام والفرح