الجنس عالم جذاب ساحر يشغل الأفكار ويثير المشاعر ...الجنس هو احتياج داخلي عميق ورغبة تتطلب الإشباع.
والسؤال ما هي العلاقة بين الحب والجنس؟ ... وهل الحب هو الجنس؟ ...
نقول: يخطئ من يظن أن الحب هو الجنس، فالحب أوسع وأعلا وأعمق من الجنس ... الحب هو الخروج من الذات إلى الآخر، والحب قد يحتوي الجنس الذي هو أحد وسائل ومستويات الإتصال والتواصل في الحب، الجنس هو مستوى التواصل الحسي الجسدي الذي يكمِّل الالتقاء العاطفي والفكري والروحي بين الزوجين.
الحب يجمع ويحتوي كل أنواع وطرق ومستويات التواصل والإتصال الممكنة. ويُمكن أن نـُعَرِّف الحب بأنه اتصال وتواصل والتقاء وتناغم وانسجام روحي وفكري وكياني وعاطفي وجسدي بين رجل وامرأة.
هل يوجد حب بدون جنس ؟! و جنس بدون حب؟!
نعم يوجد حب بدون جنس ... بين أم وابنها وبين أب وابنته وبين أخ وأخته وبين الأصدقاء والأحباء من كل جنس وأمة وشعب ولسان، فالجنس ليس هو رابطة التواصل المركزية عند البشر الأسوياء.
ونعم يوجد جنس بدون حب فالواقع يقول أنه يمكن لذكر وأنثى (وأحيانا لشواذ من نفس النوع) أن يلتقيا جنسياً دون أن يكون بينهما أي تواصل روحياً أوفكرياًً أوعاطفياً، وهذا ليس ارتباطاً أو زواجاً وليس تواصلاً حقيقياً ثابتاً أو رابطة إنسانية إنما علاقة عابرة تتطلب التكرار بهدف إشباع رغبة جنسية؛ وقد تتحول هذه العلاقة إلى إدمان للجنس مع نفس الشخص أو مع غيره أو مع أي من كان دون تحديد... وقد تتسبب في انتقال أمراض جنسية تستمر لأجيال آتية لا ذنب لها إلا أنها مولودة من هذا الأب أو هذه الأم.
وهذه العلاقات الجنسية - حتي لو كانت قبل الزواج - قد تتسبب في تدمير العلاقة الزوجية فالماضي يلاحق الشخص في غده وقد تتسبب في أذى اجتماعي للشخص نفسه ولشريك حياته وأولادهما وجروح ومشكلات اجتماعية ونفسية عميقة لا يمكن معالجتها بسهولة.
لذا نقول الجنس في معناه الإنساني السامي وليس الجسدي فقط (والذي تشاركنا فيه مخلوقات أخرى) ... هو التقاء جسدي واتصال حسي وانسجام عضوي؛ يتناغم ويتكامل في الزواج بين رجل وامرأة يلتقيان عاطفياً وفكرياً وروحياً في رابطة إنسانية ووحدة كيانية؛ لا يريد ولا يستطيع أي منهما الانفصال عنها؛ لأن كلاً منهما يكمل الآخر ويشبعه ويتكامل معه فهو مخلوق لأجله ... ! وقد يثمر هذا الاتصال أو التواصل حياة لإنسان جديد.
والحب بين الجنسين في أسمى وأروع معنى له يتكامل في الزواج المسيحي ...
«... يَتْرُكُ \لرَّجُلُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَيَلْتَصِقُ بِامْرَأَتِهِ (وكذلك المرأة) وَيَكُونُ \لاِثْنَانِ جَسَداً وَاحِداً. إِذاً لَيْسَا بَعْدُ \ثْنَيْنِ بَلْ جَسَدٌ وَاحِدٌ. فَالَّذِي جَمَعَهُ \للَّهُ لاَ يُفَرِّقُهُ إِنْسَانٌ» ( متى 19: 5- 6)
فالزواج المسيحي التصاق مستمر مستقر «لَيْسَا بَعْدُ \ثْنَيْنِ بَلْ جَسَدٌ وَاحِدٌ» وارتباط وتوحد في كيان واحد «جمًّعه الله لا يفرقه إنسان» ...
رجل واحد وامرأة واحدة كل منهما يهب نفسه للآخر كل أيام حياته أمام الله والناس.
ومن لم يستطع أن يصل لهذا لأسباب مادية أو اجتماعية أو دراسية أو ... فهذا يعني أن الوقت لم يأت بعد فالبذرة لا تنبت بمجرد اكتمالها بل يجب وجود بيئة - تربة وماء ومناخ- مناسبة للإنبات، ولا تتحول سريعاً إلى شجرة مثمرة، بل لها خطة زمنية محددة من خالقها، فلننتظر الوقت المناسب بحسب مشيئة الله؛ الذي يجمع النصف (الفرد) إلى نصفه الذي خلقه له في الزمان والمكان المناسب وبالطريقة التي ترضي الله والشخصين والمجتمع المحيط.