العلاقات الإنسانية بحر واسع من المتناقضات ومع ذلك لا يستطيع أي إنسان أن ينكر أنه بحاجة إلى تدريب فكري وعملي للخوض بها بنجاح ولا يعتمد فقط على التلقائية المطلقة. إن المشاعر الدافئة التي تتولد لدى الفتاة تجاه شخص معين هو أمر طبيعي جداً وقد وضع الله هذه المشاعر حتى يجد كل إنسان ضالته المنشودة ويكونا فريقاً ثنائياً بما يسمى مؤسسة الزواج والتي هي كفيلة باستمرار الحياة على الأرض. إذاً لا يوجد ما يمنعنا من الخوض في هذا الاختيار الهام حتى ولو كنتِ أنتِ كفتاة التي ستبدئين بهذه العلاقة ...
فكما أن الشاب من حقه أن يختار الفتاة ويبدأ بمصارحتها كذلك من حقكِ أن تختاري أيضا وأن يدق قلبك لأحد الأشخاص وأن تجدي الطريق إلى قلبه وتحاولي أن تعطي نفسك فرصة لشق طريقك في الحياة كما يحصل الشاب على هذه الفرصة دائما.
جرت العادة في بلادنا المحافظة أن يبادر الشاب إلى إعلان إعجابه بفتاة معينة ويقدم نفسه ويطلب منها أن تساعده حتى يفهما بعضهما البعض عن طريق الجلوس معا أو التكلم عبر الهاتف، وهذا يجعل العلاقة تقف على أول السلم صعوداً نحو الزواج إذا كان الاثنان ناضجَين وجادَين ولا مكان في حياتهما للتفاهة أومجرد اللهو.
ولكن ماذا لو أُعجبتْ الفتاة بشخص ما في محيط العائلة أو العمل أو الدراسة وابتدأت شرارة معينة في قلبها جعلتها تتعلق بهذا الشخص ولا تستطيع أن تصارحه حتى لا يُسَاء فهمها ويُحكم عليها بالخروج عن العادات والآداب العامة. إنه موضوع محير بعض الشيء؟ ما العمل وكيف تُعَدِّل مع نفسها ولا تظلم مشاعرها التي ترافقها ليلاً ونهاراً.
إن المحبة والشعور بالاطمئنان تجاه شخص معين يحتاج إلى عمل معين حتى يعلن عن هذه المشاعر، فمثلا إذا سَكَنَتْ إِحدىَ السيدات في منطقة جديدة وتعرفت على مجموعة من الجيران واستراحت لإحداهن ؛ نجد أن هناك محبة عملية ابتدأت تظهر بينهما مثل السؤال عنها والاهتمام بالمناسبات الخاصة بها سواء الأعياد أو عند المرض وتجد نفسها سباقة إلى مؤازرتها والسؤال عنها. ومن هنا تعرف هذه الأخرى أن هذه الإنسانة تعبر عن محبتها بطريقة مشروعة.
وهكذا الفتاة التي تتمنى أن تعلن عن مشاعرها لشاب دون إخلال بالأخلاقيات أو إحراج تستطيع أن تستغل بعض المناسبات الخاصة. وبطريقة أو أخرى يحق لها أن تعلن بعض الشيء عن مشاعرها وملاحظة التجاوب إذا كان ممكنا أو الرفض في حالة عدم توفر القبول من الطرف الآخر ولكن بكل احترام ومحافظة على ماء الوجه كما يقولون.
نحن نتكلم الآن عن عصر أصبح فيه الاتصال والتواصل شيئاً أساسياً والعلاقات الإنسانية تحررت من بعض القيود القَبَلِيَّة التي كانت سائدة والتي كانت الفتاة فيها تخضع خضوعاً كاملاً لرغبة الآخرين واستحسانهم لتدبير مستقبلها دون الرجوع لرأيها. أما الآن فإن الفتاة خرجت للعالم وأصبحت كياناً مهماً في المجتمع وصاحبة قرار (طبعاً هناك بعض الاستثناءات) ، وتستطيع أن تختار لنفسها الاختيار الأفضل ولا تتعرض لكبت مشاعرها ؛ والشعور بالعجز والقهر وخصوصا في سن الزواج وتأسيس الأسرة. فهي من حقها أن يكون لها بعض المبادرة أحيانا عندما تجد الشخص المناسب لها والذي تضمن معه حياة كريمة بحسب فكر الله ودون الخروج عن تقاليدنا المتعارف عليها.