يَندر أن يوجد في الولايات المتحدة الأمريكية من لم يسمع عن الكاتب الأمريكي الشهير "إرنست هيمنجواي" (1899 – 1961)، الذي - حسب رأي الكثيرين - كان يمتلك كل مقومات النجاح. فبالإضافة إلى شهرته الذائعة الصيت كأديب وككاتب قصصي متميز، مكَّنه جسمه الرياضي القوي من الحصول على جوائزَ عِدَّة في مسابقات رياضية، هذا بالإضافة إلى خبرته الطويلة في صيد الأسماك والحيوانات والطيور، وفنون الإبحار. وقد نجا بأعجوبة من الموت عدة مرات، من ضمنها تحطُّم طائرته، ولكنه كان ينسب ذلك دائمًا إلى مهارته وقوامه الرياضي.
وقد تميز أسلوبه الروائي بأنه كان دائمًا يجعل أبطال قصصه، رجالاً أو نساء، أقوياء يداعبون الموت ويسخرون منه وينتصرون عليه، وكأنهم من مصارعي الثيران الذين يقتلون الثور بوضع السهم في قلبه، وبانتصارهم على الموت كانوا يشعرون بالنشوة في أخطر العواصف والأنواء.
وقد صار "هيمنجواي" من أغنى أغنياء أمريكا، حتى أصبح يمتلك مقاطعة في أجمل مكان في كل الولايات الأمريكية. كان "هيمنجواي" يعتقد أنه يمكنه الحصول على كل ما يتمناه على الأرض، ولذلك لم يكن يحترم أية قوانين أخلاقية، ولم يلُمْه عشاقه على ذلك.
وكانت المفاجأة في عام 1961 حين أخبره الطبيب بأنه مُصاب بالسرطان، وعندها جاءت الفرصة ليثبت بصدق وبصورة واقعية مدى شجاعته أمام الموت. وتساءلت الجماهير: تُرى ماذا سيفعل "هيمنجواي" أمام المرض والموت؟ كيف سيتصرف هذا الجبار الذي هاجمته الأفكار وتلاطمت في قلبه كأمواج البحار؟ هل تعرف ما الذي حدث مع ذاك الجبّار الذي لم يكن يعطي لله في حياته أي اعتبار؟ لقد فارقته كل شجاعة ومن ثَمَّ انهار. وصارت دنياه ظلمة بلا نهار، صحراء دون أنهار، يأس ومرار، وخريف دون ثمار.حتى أنه لم يجد بديلاً أفضل من الانتحار. وبتأثير الشيطان أخذ الجبار القرار، ووجَّه مسدسه إلى رأسه وأطلق النار، ليواجه مصير كل الأشرار: الهاوية وعذاب النار، بيده هو لا بيد الأقدار .. هذا ما فعله الجبار .. يا للخزي والعار. أين قصص البطولة؟ أين الأشعار؟ حقًا إنها مجرد شَعارات تبخرت أمام خوف الموت كالبخار.
صديقي القارئ .. صديقتي القارئة، سأذكرك بجبار شهير آخر ارتعب أمام الموت. إنه الفيلسوف الفرنسي المُلحد "فولتير" (1694-1778). قرأ "فولتير" وهو بعد شاب صغير، قصيدة تعظِّم الإلحاد، وتستهزئ بالإيمان بالمسيح وبعمله على الصليب وبالكتاب المقدس؛ وكان لهذه القصيدة الآثمة تأثير ممتد المفعول طوال حياة "فولتير"، بل وظهر تأثيرها أيضًا في كتاباته الفلسفية، فصار واحدًا من أشهر الآلات التي استخدمها الشيطان، وما زال! ولكن هل تعرف كيف واجه فولتير الموت؟ يحكي التاريخ أنه في لحظاته الأخيرة صرخ صرخات مُدوية سُمعت من على بُعد. كان يقول:
- «ما أرهب الموت! إنني مرتعب! لا .. لا .. لا أريد أن أموت. الموت .. العذاب». وذهب بعدها بلحظات إلى العذاب الأبدي.
عزيزي .. عزيزتي، الموت مُرعب لأي إنسان طبيعي. والكتاب المقدس يصف الموت بأوصاف تُظهر رُعب البشر منه، من ضمن هذه الأوصاف:
1- حربة الموت (أيوب 18:33).
2- أشراك الموت (مزمور 5:18).
3- خدور الموت (أمثال 27:7).
4- حبال الموت (مزمور 3:116).
5- شوكة الموت (1 كورنثوس 56:15).
6- قوة الموت (نشيد الأنشاد 6:8).
7- أهوال الموت (مزمور 4:55).
8- أبواب الموت (أيوب 17:38).
9- عداوة الموت (1 كورنثوس 26:15).
10- خوف الموت (عبرانيين 15:2).
11- ألم الموت (عبرانيين 9:2).
12- أوجاع الموت (أعمال 24:2).
لكن بمجيء المسيح وموته انتهت مشكلة الموت إلى الأبد بالنسبة للمسيحي الحقيقي. لقد قال الرب لمرثا: {«أنا هو القيامة والحياة. من آمن بي ولو مات فسيحيا، وكل من كان حيًا وآمن بي فلن يموت إلى الأبد»} (يوحنا 25:11،26). فالرب يسوع بموته:
1- أباد من له سلطان الموت: {فإذ قد تشارك الأولاد في اللحم والدم اشترك هو أيضًا فيهما، لكي يُبيد بالموت ذاك الذي له سلطان الموت، أي إبليس، ويعتق أولئك الذين، خوفًا من الموت، كانوا جميعًا كل حياتهم تحت العبودية} (عبرانيين 14:2،15).
2- أبطل الموت: {مخلصنا يسوع المسيح، الذي أبطل الموت وأنار لنا الحياة والخلود بواسطة الإنجيل} (2 تيموثاوس 10:1).
3- نقض أوجاع الموت: {يسوع الناصري ... الذي أقامه الله ناقضًا أوجاع الموت إذ لم يكن ممكنًا أن يُمسك منه} (أعمال 22:2،24).
4- كسر شوكة الموت: {ابتُلع الموت إلى غلبة. أين شوكتك يا موت؟! أين غلبتك يا هاوية؟! أما شوكة الموت فهي الخطية ... ولكن شكرًا لله الذي يعطينا الغلبة بربنا يسوع المسيح} (1كورنثوس 54:15-57).
5- صار الموت نومًا أو رقادًا: {الراقدون بيسوع} (1تسالونيكي 14:4)، {«لعازر حبيبنا قد نام» ... وكان يسوع يقول عن موته وهم ظنوا أنه يقول عن رقاد النوم} (يوحنا 11:11،13).
6- صار الموت ربح وشهوة: {لي الحياة هي المسيح والموت هو ربح ... لي اشتهاء أن أنطلق وأكون مع المسيح ذاك أفضل جدًا} (فيلبي 21:1،23).
7- المسيحي لا ينتظر الموت: بل مجيء الرب حيث لا يرى الموت {هوذا سر أقوله لكم: لا نرقد كلنا، ولكن كلنا نتغير} (1 كورنثوس 51:15). {فإننا نحن الذين في الخيمة نئن مُثقلين، إذ لسنا نريد أن نخلعها بل أن نلبس فوقها، لكي يُبتلع المائت من الحياة} (2 كورنثوس 4:5).
فهل تأتي الآن إلى الرب يسوع مصليًا هذه الصلاة، معلنًا أنك لا تخاف من الموت؟
صلاة:
أقبلك يا من بالموت أبطلت الموت ..
أتبعك وأسير خلفك،
فلن أخاف من الموت وأشراكه، لأنك قد دُست أشواكه،
فلن تُرعبني شباكه، ولمجيئك قلبي تلتهب أشواقه.
آمين.