سأل الشاب الرجل العجوز وقال: ما هي الأمور التي أحببتها في حياتك وما زلت تُحبها؟
أجاب الرجل العجوز وقال: الأسرة والكنيسة والمجتمع والوطن.
قال الشاب باستغراب غير متوقع إجابة الرجل العجوز: نعم تحب الأسرة لأنها جزء من كيانك، ولكن كيف أحببت الكنيسة وانتميت إليها؟ وما هي الأمور التي دفعتك إلى محبتها؟
قال الرجل العجوز وهو مبتسم جداً: نعم، الأسرة كياني بالفعل، والكنيسة كياني أيضاً ولكن على نطاق أوسع من الأسرة. أما الأمور التي أحببتها في الكنيسة فكثيرة جداً وتأتي مع اختبارات الحياة ولكن أذكر منها البعض:
- حياة الشركة: الإنسان كائن حي يحب الشركة ولا يقدر أن يعيش في عزلة عن الناس ويشارك الآخرين بمشاكله وأفراحه وأحزانه وباحتياجاته، ولكن يا بني فقدت الكنيسة اليوم هذه الشركة. ربما تسألني لماذا؟ سوف أقول لك في كلمة بسيطة، طفولية الإيمان، الحياة الروتينة، وفقدان الروح المتجددة.
حياة العبادة: لأن الكنيسة هي مكان للعبادة كما هي أيضاً لحياة الشركة. يا بني إني أجد سؤالاً من خلال نظرة عينك هل السؤال هو، هل يوجد عبادة في الكنيسة اليوم؟ أقول لك نعم يا ابني، ولكن عبادة بطريقة مختلفة عن العبادة التي يريدها الله، بمعني نحن نتعبد اليوم على المستوي الطقسي والعقائدي وليس على مستوي "الروحانية" والله يريد أن نرتفع في العبادة فوق النظام الطقسي والعقائدي حتى نعرف الله معرفة حقيقية، لأن الله لا يُحد في نظام طقسي ولا عقائدي هو أكبر من كل هذا .
قال الشاب: نعم أنت أحببت الأسرة والكنيسة، ولكن كيف أحببت المجتمع مع أن المجتمع فيه ظلم وكراهية وبغض واضطهاد وانتقام وعدم اهتمام بالفقراء والأرامل والأيتام واستخدام الرشوة وفقدان المحبة. وأصبح المجتمع ليس مجتمعاً بل يطلق عليه اسم "الفردية" لأن كل إنسان يعبر عن نفسه بطريقة فردية، ولا يحب أن يعمل ويندمج وسط مجموعة معينة في أي نشاط.
قال الرجل العجوز: في نظرة حزن، نعم يا ابني كل كلامك صحيحح ويوجد أكثر من ذلك في المجتمع أيضاً، ولكن عايز أقول لك لا جديد في المجتمع، تذكر معي تاريخ البشرية كلها عندما قتل الأخ أخاه (قايين وهابيل). عندما باع الإخوة الأخ إلى مصر وصار عبداً وكذبوا على أبيهم (يوسف وإخواته). تذكر يا بني معي أيضاً الزنا والاغتصاب (لوط وبناته, دينا بنت يعقوب) وغيرها، تذكر معي الحروب باسم الله والله لم يأمر بذلك (موسي ويشوع) وغيرها من الحروب بالدين (الفرنجة) وحروب (الثقافات) وحروب (اقتصادية) محتاج الكثير والكثير من الورق والحبر وعمر تاني فوق عمري حتي يكفي لكتابة انحدار المجمتع. ولكن انظر إلى الجانب الإيجابي دائماً وتعلم من الجانب السلبي.
قال الشاب في انفعال شديد هل يوجد جانب إيجابي في المجتمع؟
صمت الرجل العجوز فترة طويلة حتى يهدي انفعال الشاب وقال: نعم يوجد شيء إيجابي عندما يوجد في المجتمع سلبيات يوجد أيضاً إيجابيات كما أن هناك في البعض يوجد الحب وكما يوجد الظلم يوجد العدل أيضاً، هناك أناس يسعون إلي الحرب وهناك أناس يسعون إلي السلام، هناك أناس لا يهتمون بالفقراء والأرامل والأيتام وهناك أيضاً أناس يهتمون بالفقراء والأرامل والأيتام، يا بني في كل مجتمع توجد مجموعة يطلق عليها (البقية التقية النقية) وطول ما هناك هذه المجموعة يوجد أمل في تغير المجتمع إلي الأفضل. أتمني أنك تكون واحداً من ضمن هذه المجموعة وكل شاب مثلك.
قال الشاب للرجل العجوز: تكلمنا عن الأسرة وعن الكنيسة وعن المجتمع يبقى أن نتكلم عن الوطن. .
قطع الرجل العجوز كلام الشاب وقال: أنا أعرف سؤالك عن الوطن وسؤالك هو لماذا أحببت الوطن؟ يا بني ينقصك الكثير من الحكمة ولكن أري أنك تسعي إلي المعرفة، سوف أطرح عليك بعض الأسئلة:
أين توجد الأسرة؟
أين توجد الكنيسة؟
أين يوجد المجتمع؟
أجاب الشاب وقال: ضمن الوطن.
سأل الشاب الرجل العجوز وقال على مثال من أحببت كل هذا؟
أجاب الرجل العجوز وقال على مثال يسوع المسيح، لأنه أحب الأسرة وكرمها، أحب الكنيسة وأصبحت الكنيسة هي أعضاؤه، أحب المجتمع وسعي إلي التغيير فيه من خلال حياته بالكامل، أحب الوطن لأنه يضم الأسرة والكنيسة والمجتمع. قال الرجل العجوز اذهب يا بني وكن تلميذاً ليسوع المسيح حتى تكون عندك المحبة والانتماء إلي كل هذا.