أخ ماهر، ونحن فى بداية حوارنا نرجو أن تحكى لنا اختبارك الروحي فى سطور قليلة.. فماذا تقول؟
نشأت فى عائلة مسيحية مؤمنة، لكنى رفضت الحياة مع المسيح وتركت البيت وأنا عمرى 12 عاماً، فقد كان طموحى أن أُكَّون حياتي بعيدًا عن الله وهذه
كانت الخطورة، اتجهت للتدخين فى سن العاشرة ومع العمل والسهر وصلت لمرحلة صعبة فأدمنت المخدرات لكن الرب افتقدنى بنعمته فى 8-12-1987
عندما كنت سائراً فى الشارع وكانت حالتى صعبة جداً وفى هذه اللحظات صليت إلى الله لأول مرة فى حياتى قلت له: (أنا عارف إن عندك سكة وأنا
باهرب منك، لكن أنا اليوم ملك لك، اشفيني وغيرني). وفعلاً الرب غيرنى وشفانى من المخدرات، وعالج الرب أيضاً المشكلة الأساسية وهى الخطية.
هناك كثيرون يعانون من تسلط التدخين والمخدرات عليهم، يحاولون بإرادتهم التخلص منها لكنهم يفشلون... فى رأيك كيف يتغلب الإنسان على خطية معينة تتسلط عليه؟
مفيش حاجة اسمها الواحد يحاول، فقد بطلت شهر وأحيان 6 شهور، ولكن كنت أعود أدخن أكثر من الأول. لكن الله يعطى قوة فى الإرادة والجسد والروح
تعينه، إذا لم يحصل على قوة فى الروح فلا يمكن له أن يتوقف عن فعل أى خطية.
أخ ماهر دعنى أناقش معك قضية الترنيم فى مصر.. فى رأيك ما هو الفرق بين الترنيم والتسبيح؟
التسبيح هو تقديم شىء للرب غير خاص، بمعنى لا يوجد فيه طلبات أو احتياجات شخصية لكن شكر وحمد للرب لذاته وصفاته.
أما الترنيم فيمكن وضع كل الموضوعات الروحية فيه مثل عمل الله الفدائي، عمل الصليب، اتجاهات النعمة، احتياجات الصلاة.
هل الكنيسة تحتاج إلى مرنمين أم مسبحين؟
الكنيسة تحتاج إلى الاثنين، فعندما نقرأ فى أفسس 5 و كولوسى 3 نجد بولس يوجه خطاباً للكنيسة عن "الترنيم والتسبيح".
حال الترنيم فى مصر.. هل أنت راضٍ عنه؟ أو فى رأيك هل أدى الدور المطلوب منه؟
طبعاً أنا راضٍ عنه، فالترنيم فى مصر يقود الترنيم فى العالم العربي، ويقود الناطقين باللغة العربية فى كل أنحاء العالم، الترنيم فى مصر نشر رسالة
الإنجيل، فهو عمل كرازى يفرز طاقات الإبداع عند المرنمين، وهو مدرسة تقود الناس لمعرفة الله.
هل يمكن أن نطلق على بعض الترانيم الجديدة اسم ترانيم شبابية؟
نحن نعيش فى بلد متعدد الثقافات، فهناك ثقافة بدوية، ثقافة ريفية، ثقافة شبابية، لدينا طاقات إبداعية كثيرة، لكن لا يوجد شىء اسمه ترنيمة شبابية أو أغنية
شبابية، فحتى على المستوى الفني نجد البعض يستعيد كلمات مكتوبة من أكثر من 30 سنة ويُعيد توزيعها فتصبح ذات لحن جميل ولها معنى. ولو وُجد شاب
يكتب بسطحية فهو شيخ "لا يوجد شىء جديد يقدمه" ولو وُجد شيخ يكتب من 100 سنة بحيوية فهذا شاب.
ما هو تعليقك على الترانيم غير الكتابية؟ والترانيم التى بها أخطاء لاهوتية؟
الله ينظر إلى حالة قلب كل إنسان، وقد خدمت فى قرى عديدة وهناك الكثيرون لا يعرفون الفرق بين الترنيم والتسبيح، لكن حالة قلبهم "مليانة" وقد حاولت أن
أقدم تعليماً فى هذا الأمر لكن الروح القدس منعنى وقال لى: " لا تنجس أفكار ناس حالة قلبهم سليمة". على الجانب الآخر فقد خدمت فى اجتماعات فى أكبر
الكنائس ووجدت أناساً يعرفون الفرق بين الترنيم والتسبيح لكن حالة قلبهم "فاضية".
وفى مثل الفريسى والعشار نجد أن الله قبل صلاة العشار رغم أنه صلى صلاة خاطئة - من وجهة نظرنا - وعلى الجانب الآخر نجد الفريسى صلى صلاة
كتابية فقد بدأ بالشكر وعدّد امتيازات الله له كشخص يهودى، لكن الله لم يقبل صلاته لأن الله ينظر إلى حالة قلب كل إنسان.
اعتدنا في حديثنا عن التسبيح أن نبدأ من المخلوق أو الخليقة وفي الغالب من الإنسان وكيف نطق وعزف وعبد وعبر للإله عن مشاعره الحبيبة والتعبدية ...هل ترى أننا بذلك نقدم تسبيحا لائقا لله؟
حاشا للتسبيح أن يبتدئ هكذا من الخلائق وهو الفن الإلهي ومصدره ومسكنه في الوجود الإلهي وان كان قد أعطى للخليقة العاقلة الناطقة بإعلان وجه
الحضرة الإلهية عليهم من الساكن في نور لا يدنى منه فصرخوا وهتفوا وسبحوا ورنموا وغنوا وحمدوا ومجدوا وتكرموا كل بحسب قربه وتمتعه بنور
الحضور الإلهي. وبدون هذا الحضور لا حضور للخليقة المسبحة فالله هو المسبَّّح الأول والأخير وهو – تبارك اسمه القدوس – المسبَّح في ذاته وهو المجيد
قبل ان ينطق المخلوق بمجده.
وإذا تجاوزنا الأرض والإنسان قليلاً وسمونا بأفكارنا لا تصل إلا للسماوات ونتحدث عن الملائكة التي تسبح ليلاً ونهاراً قائلة للجالس على العرش قدوس
قدوس قدوس ـ ونتأمل في أصواتها وكلماتها وألحانها وموسيقاها وأدوات تسبيحها والكثير ممن تناولوا بالدرس والبحث " موضوع التسبيح" بدءوا من
الملاك الساقط –للأسف- وعن تميزه في التسبيح والعبادة السماوية قبل سقوطه ثم نسترسل في الحديث عن نزول هذا الساقط بموسيقاه وغوايته للبشر
وعن نشأة الموسيقي علي الأرض واستخداماتها المتنوعة خاصة في العبادة . ثم نضيف وكل حسب طائفته ومذهبه الفكري والروحي وفهمه للألفاظ
والمصطلحات التسبيحية عن أفضلية عبادته وسموها عن غيرها .
أخ ماهر إذا كان التسبيح هو أسمى وأبقي معبر للحب والشركة بين المخلوق والخالق فما الذي كان عليه الوضع الإلهي قبل الخليقة؟! وهل كان الله ينقصه الحب والشركة أو ينقصه التسبيح؟
في البدء كان المسبَّح فللآب أقنوماً متميزاً والروح القدس أقنوم متميز كذلك.ولكن الآب والابن والروح القدس لاهوت واحد ومجد متساو وجلال أبدي الأب
غير محدود والروح غير محدود والابن غير محدود. لذلك يتحتم علينا قبل أن نحرر تسبيحاتنا من سطحيته وعدم نضوجها أن نحرر مفهومنا أولا عن
التسبيح بإعادته إلى منابعه الأولى… ليس في تاريخه بل في جوهره المستمد من الجوهر الالهى.
ثانياً نعلن بعقيدتنا قبل تسبيحاتنا أن الله كوجود حر قائم بذاته ومسبح في ذاته وهو في حرية تامة بهذا الوجود لا ينقص منها أو يزيدها تسبيح الخليقة له.
فهذه علامة انطلاقي من ذاتي ووجودي المحدود إلى ملكوته وهي تسبيحي لاسمه القدوس.
أخ ماهر ونحن فى نهاية حوارنا ما هى أمنياتك الشخصية لك ولأسرتك وللكنيسة فى مصر؟
أمنياتي الشخصية: أن أتمم الرسالة التى وضعها علىّ الرب مثلما يريد هو لا مثلما أريد أنا.
أمنياتى لأسرتى: أن يكون حضور الرب واضحاً فى حياتنا.
أمنياتى للكنيسة فى مصر: أن يمتد عملها وتتحمل مسؤوليتها تجاه كل الناطقين بالعربية فى كل أنحاء العالم.