وضعت في السنوات الأخيرة مقاييس جمالية للفتاة مختلفة تماماً عما عرفناه من قبل، فقد كانت السمنة في السابق هي العلامة المميزة لجمال المرأة، إذ ارتبطت السمنة بالمستوى الاجتماعي والاقتصادي للأسرة، فكلما زادت سمنة الفتاة كلما دل ذلك علي وفرة المعيشة وارتفاع مستوى الأسرة. أما الآن فقد اختلف الأمر، إذ أصبحت النحافة هي العلامة المميزة لجمال ورشاقة الفتاة، مما دعا أغلب الفتيات إلي اتباع ما يسمى بالدايت أو الريجيم. وقد استغل بعض التجار هذا الأمر في طرح بعض المنتجات في الأسواق كتب عليها (دايت) وذلك مثل الزبادي الدايت والكولا الدايت. وقد يظهر في الأسواق اللحم الدايت.
وقد انتشر هذا النظام الغذائي القاسي بين المراهقين والشباب ما بين سن 15 عاماً إلي 25 عاماً، إلا أنه في أحيان كثيرة ينتهي هذا الريجيم ببعض الاضطرابات والتي يطلق عليها اضطرابات الأكل، حيث تنخفض نسبة السيرتونين في المخ، ومن المعروف أن أي اختلال في هذا الهرمون يؤدي إلي بعض الاضطرابات السلوكية ومن أهمها اضطرابات الأكل وذلك كرد فعل طبيعي للإحساس بالحرمان من الطعام لفترات طويلة. وهكذا نجد أن الرجيم يعتبر الخطوة الأولي في إحداث اضطرابات الأكل.
مع ملاحظة أنه ليس كل من يتبع نظاماً غذائياً صحياً أو يجتاز في عمل رجيم يتعرض لاضطرابات الأكل، وإنما يعتبر النظام الغذائي القاسي بالإضافة لبعض العوامل الأخرى التي سنذكرها فيما بعد مدخلاً للوقوع في هذا الاضطراب.
وفيما يلي سنستعرض بالتفصيل أهم نوعين من أنواع اضطرابات الأكل:
- النوع الأول: فقدان الشهية العصبي:
وهو ما يعرف بالأنوركسيا Anorexia وهو فقدان خطير في الوزن مصحوب باختلال في صورة الجسم، إذ تبقى الفتاة المراهقة خائفة من زيادة وزنها أو أن تصبح بدينة.
هذا الخوف قد يؤدي إلي إنكارها لخطورة انخفاض وزنها، كما يعطيها القدرة علي التحكم في عدم الخضوع لأي إغراءات وذلك مثل عدم تناول الأكل في الحفلات أو المناسبات التي تمتلئ بالأطعمة الشهية.
وهناك نوع آخر من فقدان الشهية العصبي، فيه تستمتع الفتاة بالأكل ثم تبدأ في التقيؤ العمدي أو استخدم الملينات والمسهلات، وقد تلجأ في أحيان أخرى للحقن الشرجية. وخطورة هذا الأمر أن هذا النمط يتعرض أصحابه لفقدان زائد في الوزن، كذلك من الصعب إقناعهم بعدم معقولية مخاوفهم من اكتساب المزيد من الوزن أو إقناعهم بأن الانخفاض الملحوظ في الوزن يسبب مشاكل صحية خطيرة، علي أن الذين يفقدون أوزانهم عن طريق عمليات التقيؤ العمدي واستخدام المسهلات والملينات هم أكثر عرضة للمرض النفسي، وقد يؤدي بهم الأمر إلي الانتحار. ومن أشهر حالات فقدان الشهية هي حالة لاعبة الجمباز الأمريكية هينريتش Henrich والتي ماتت بسبب فشل في الكبد والكليتين وهي في سن الثانية والعشرين حيث وصل وزنها إلي حوالي 28 كيلو جراماً.
والجدير بالذكر أن نسبة الوفيات بسبب فقدان الشهية تصل إلي 18% علي مستوى العالم.
التأثيرات النفسية لفقدان الشهية
يعد الاكتئاب من أهم التأثيرات النفسية لمرض فقدان الشهية فقد وجد أن 91% من مرضى هذا النوع يعانون من الاكتئاب بالإضافة لاضطرابات أخرى كالقلق والوساوس القهرية والتي تمثل 38% من مرضى هذا النوع. كما وجد أن أثناء عملية التفريغ من الطعام وتناول المراهقين لأدوية الملينات والمسهلات يؤدي إلي اضطرابات في الشخصية فيصبح شخصية اعتمادية أو وسواسية قهرية. هذا النوع بالإضافة لأنه قد تحدث آثار ضارة بالصحة نتيجة سوء التغذية، ومن أهم هذه الأضرار جفاف الجلد ومشاكل في الدورة الدموية مثل انخفاض ضغط الدم وبطء في ضربات القلب، أيضاً يحدث نقص في عنصر البوتاسيوم في الدم الذي يؤدي إلي حدوث فشل كلوي.