بينما وصف الحكيم شيخوخة قُضيت في الشركة مع الرب بأنها «تاجُ جمال: شيبةٌ توجد في طريق البر» ( أم 16: 31 )، فإنه في جامعة 12 قدَّم وصفًا تفصيليًا لمظاهر الشيخوخة لمن لم يذكر خالقه في أيام شبابه، وكم سيكون تعيسًا وشقيًا في أيام مُقبلة يُسميها «أيام الشر»، وفي مجيء سنون يقول عنها «ليس لي فيها سرور» (ع1). ثم يعلن زوال بهجة الحياة، وذبول نضارة الشباب، ودخول النفس حلقات متكررة من المتاعب والأحزان «قبل ما تَظلم الشمس والنور والقمر والنجوم، وترجع السُحب بعد المطر» (ع2). ويعطي تصويرًا رائعًا لانهيار القوى الجسدية والنفسية، فالأيدي تضعف وترتعش «في يوم يتزعزع فيه حَفَظة البيت»، والأرجل لا تقوى على السير أو الوقوف «تتلوى رجال القوة»، والأسنان تسقط «تَبطل الطواحن لأنها قلَّت»، والنظر يضعف «وتَظلم النواظر من الشبابيك» (ع3)، والكلام يقِّل «وتُغلق الأبواب في السوق»، وتحدث مشاكل في الهضم «حين ينخفض صوت المطحنة»، ويُعاني من الأرق «يقوم لصوت العصفورة»، ويثقل السمع وتضعف الأحبال الصوتية «تُحَط كل بنات الغناء» (ع4). ويُصبح صعود المرتفعات مصدر خوف، وسير المسافات هول «وأيضًا يخافون من العالي، وفي الطريق أهوال»، والشيب يملأ الرأس «اللوز يُزهر»، ولا يقدر على حمل شيء ولو خفيف «والجُندب يُستثقل»، ويفقد الشهية «الشهوة تَبطُل» وبوادر الموت تخيِّم على المشهد «لأن الإنسان ذاهب إلى بيته الأبدي، والنادبون يطوفون في السوق» (ع5).
ويصف الحكيم ما يحدث عند لحظات الوفاة كانفجار الحبل الشوكي والأعصاب «ينفصم حبل الفضة»، ويتوقف المخ «ينسحق كوز الذهب»، ويتوقف القلب والدورة الدموية والرئتين «تنكسر الجرة على العين، أو تنقصف البكرة عند البئر» (ع6). وأخيرًا يرجع الجسد الترابي إلى التراب (ع7).
أحبائي الشباب: اذكروا قول الرب: «أنا أحب الذين يحبونني، والذي يُبكرون إليَّ يجدونني» ( أم 8: 17 ). وتذكَّروا أيضًا أن «الصدِّيق كالنخلة يزهو ... أيضًا يُثمرون في الشيبة» ( مز 92: 12 - 14).