"إنني متعب من حياتي. فقد فقدت الرجاء وغشاني اليأس.
أنت إنسان خُلقت على صورة الله كشبهه في أمور كثيرة. وقد زودك الله بمواهب وإمكانيات وجعلك كائناً له القدرة على الكفاح في سبيل الخير والجمال. فلماذا لا
تستعمل هذه الطاقات الخيّرة لمحو الفشل الذي تشعر به؟
إن التجارب ليست شراً يسلطه الله على الإنسان قصاصاً، لأن الله غير مجرب بالشرور وهو لا يجرب أحداً هكذا، قال الرسول يعقوب: "ولكن كل واحد يُجرب إذا
إنجذب وانخدع من شهوته". وقال الرسول بولس: "لم تصبكم تجربة إلا بشرية. ولكن الله أمين، الذي لا يدعكم تُجربون فوق ما تستطيعون بل سيجعل مع التجربة
أيضاً المنفذ لتستطيعوا أن تحتملوا". ونفهم من قول الرسول أن الله لا يسمح أن يُجرب المؤمنين بتجارب لا تستطيع الطبيعة البشرية إحتمالها، وأن أمانته تحمله على
حفظه إياهم خلال التجارب القاسية، فهي لا تقدر أن تسد طريق القداسة على مختاري الله، لأن الله إما أن يزيلها، وإما أن يعطيهم نعمة كافية للإنتصار عليها. وهذا
على وفق قول الرب يسوع لبطرس: "هوذا الشيطان طلبكم لكي يغربلكم كالحنطة، ولكني طلبت من أجلك لكي لا يفنى إيمانك" (إنجيل لوقا 31:22).
"إن الله لم يعطنا روح الفشل بل روح القوة والمحبة والنصح" وبهذا يستطيع الإنسان أن يجعل من فشله سبباً لشحذ الفكر وتحليل علة الفشل، فيعالج حالته بإيمان
وحذر. وله من روح القوة طاقة جبارة ليجاهد جهاد الإيمان، لدفع التجربة عن حصن الحق الذي لله فيه. وله من روح المحبة ما يزكي إيمانه "لأن المحبة تحتمل كل
شيء، وتصدق كل شيء، وترجو كل شيْ، وتصبر على كل شيء، المحبة لا تسقط أبداً" (الرسالة الأولى لأهل كورنثوس 7:13ـ8).
"فأحسبوه كل فرح يا أخوتي حين تقعون في تجارب متنعوة، عالمين أن إمتحان إيمانكم ينشيء صبراً. وأما الصبر فليكن له عمل تام لكي تكونوا تامين وكاملين غير
ناقصين في شيء. وإنما إن كان أحدكم تعوزه حكمة فليطلب من الله الذي يعطي الجميع بسخاء ولا يعير فسيعطي له" (يعقوب 2:1ـ5).
أخي وأختي، يقول الرب يسوع: "بدوني لا تقدرون أن تفعلوا شيئا
الرب هو الذي أعطاك الإرادة، ولا ريب ان الرب هو الذي يبدد الصعاب أمامك ويحافظ عليك ويحقق لك النجاح بينما تتسلق الجبال دون أن تبصر على الإطلاق.
أخي وأختي، هل هناك من قمة يريدك الرب أن ترقى اليها في حياتك الروحية.؟ ربما يكون ضعف معين، أو عادة سيئة، أو خطية دفينة لا يعرفها إلا الرب فاحص
القلوب، قد يكون شخص ينتظر غفرانك... تعال الى الرب لإنه يعطي المعيي قدرة ولعديم القوة يكثر شدة...
إن قدرة الإنسان في قهر الصعوبات وتحقيق الإنتصارات لا تكمن فيه، بل تأتي من الرب يسوع الذي لا يستحيل عليه شيء، بل أنه قادر أن يفعل أكثر جدا مما نطلب
أو نفتكر.
رغم الإضطهادات والقيود والضربات، اكتشف الرسول بولس هذه الحقيقة الرائعة، فكتب الى كنيسة أفسس ليشجعها قائلا... والقادر ان يفعل فوق كل شيء اكثر جدا
مما نطلب او نفتكر بحسب القوة التي تعمل فينا ... له المجد في الكنيسة في المسيح يسوع الى جميع اجيال دهر الدهور.آمين...
فمهما كانت تلك القمة التي تواجهك، ومهما كان الطريق صعبا وطويلا، فلا تنظر الى ضعفك أنت، بل ثبت نظرك على الرب يسوع المسيح، لإنه وحده قادر أن
يرفعك فوق الأذرع الأبدية ويحقق لك النصر في حياتك.
تذكر اخي: الله لا يخلق الشر بل يسمح بحدوثه. في البدء عندما خلق الله العالم، خلق كل الأشياء حسنة، و خلق الإنسان وأعطاه حرية الاختيار التي تشمل الأخذ
بخيارات صائبة أو خاطئة، وكثيرا ما نتخذ الخيارات الخاطئة التي تؤدي إلى عواقب نؤذي بها إما أنفسنا أو آخرين ممن يكونون أحياناً ضحايا أبرياء لا يستحقون ما
يحدث لهم.
بالتأكيد يستطيع الله أن يتدخل ويتحكم بكل الأشياء- الجيدة و السيئة- في حياتنا ولكننا عندئذٍ سنكون مجرد أشخاص آليين لا نملك حريّة حقيقيّة، حتى أن الله يمكنه أن
يجبرنا أن نحبهُ إن أراد ذلك ولكن الحب بالإكراه ليس حباً حقيقياً. الله يعطينا حرية أن نختاره أو لا نختاره، وحرية أن نعيش ونتمتع بالحياة ،وحرية القيام بالخيارات
الصائبة أو الخاطئة، إلا أننا- وبكل تأكيد- علينا أن نحيا ونتعامل مع نتائج أفعالنا وأفعال الآخرين.
هناك أخبار سارّة بالرغم من كل ذلك !!!
أولاً : إن إله المحبة هو أيضاً إله العدل؛ فجميع الذين يقومون بخيارات خاطئة ويؤذون أشخاص أبرياء ثم يخرجون من ذلك سالمين سيأتي عليهم الوقت الذي فيه
سوف يواجهون نتائج أفعالهم. فالله هو الديان في النهاية وفي وقت معين سوف يحاسب كل واحد على أعماله" وليست خليقة غير ظاهرة قدامه، بل كل شيء عريان
ومكشوف لعيني ذلك الذي معه أمرنا." (عبرانيين 4: 13).
ثانياً : الله يستخدم تجارب الحياة لخيرنا، ليطور شخصيتنا وليجعل منا أناساً أفضل، إضف إلى ذلك إننا نمتلك المقدرة(كمتألمين) أن نساعد آخرين ممن يمرون في
ظروف مشابهة، فلقد كنت قادراّ على التواصل مع الطلبة المعاقين (بعد أن تغيرت شخصيتي من الرضا والتسليم بما أنا عليه إلى التعاطف مع الحالات المشابهة
لحالتي ). التجارب أيضاً تجعلنا نرى الأمور الأكثر أهمية في الحياة، وكثيراً ما تقودنا التجارب إلى الله في الوقت الذي ما كان ليقودنا إليه شيء آخر و تجعلنا ندرك
أهمية الإيمان والحب والإهتمام والعائلة والأصدقاء.
ثالثاً : لقد وفر الله لنا مخرجاً، سيأتي وقت لن يكون فيه ألم أو معاناة، ففي الجنة
لن يكون هناك بكاء ولا ألم ولا مرض ولا موت بل هي مكان سيتمتع به الجميع بفردوس يفوق الخيال و بفرح أبدي وهبه الله لهم.
أخيراً : إن الله يهتم فعلاً، فمع أنه لم يعدنا بأن حياتنا سوف تكون خالية من المشاكل، إلا أنه وعدنا بأن يكون معنا، حتى أن المسيح نفسه إختبر الحب و التعاطف
والحزن وكان المتألمون ينجذبون إليه. إن الله بمحبته لنا واهتمامه بنا يريدنا أن نكون في علاقة معه.
"لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل إبنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية" (يوحنا 3: 16)
"