خصائص الجنسية قبل السقوط :
على أساس هذا النموذج النقى الذى صنعه الله ورآه حسناً جداً (نموذج الإنسان المتكامل)، نتوقع أن تتجلى فى علاقة آدم وحواء الخصائص التالية:
أ- نوعية العلاقة بين الرجل والمرأة :
1- التناظر :
أى التساوى (التكافؤ)equality ، مع المشابهةlikeness والندية being peers.. فالله خلقهما متساويين فى القيمة الإنسانية رغم إختلافهما فى الخصائص الطبيعية المميزة لكل منهما، ونلمح هذا واضحاً فى قول الرب "أصنع له معيناً نظيره" (تك 18:2). يلاحظ أن التناظر بين الزوجين يؤدى إلى التفاهم المشترك، والتعامل بينهما بلا تسلط.
2- التكامل :
وهى أن يكمل كل منهما الآخر، وهذا يتحقق بسبب الإختلاف الطبيعى فى الصفات بين الرجل والمرأة، فمن خلال التعامل بينهما ينتفع كل منهما بصفات الآخر، وكأن صفات الواحد تضاف إلى الآخر.. ويأتى التعاون والمشاركة علامة على حالة التكامل بينهما ولذلك خلق الله حواء لتكون "معيناً" يتعاون مع آدم ويشاركه حياته، ويتقاسم معه مسئولياته.
إن التكامل يساهم - فى الواقع - فى تحقيق التوازن النفسى والاستقرار الداخلى.
3- الحب الحقيقى :
وهو قدرة النفس على الخروج عن "الأنا" إلى "الآخر" وتجاوز حدود عالمها الخاص، كى تشارك الآخرين فى عالمهم فتدخل إليهم السعادة.. ولم يكن الحب المضحى الباذل بين آدم وحواء قبل السقوط، إلا انعكاساً مباشراً لحب الله المنسكب بفيض على كل منهما.. وكأن الحب يتحرك فى دورة
لا تنقطع من الله إلى كل من آدم وحواء، ومن آدم إلى الله مروراً بحواء، ومن حواء إلى الله مروراً بآدم.. فالله - إذن - كان هو محبوبهما معاً وشريكهما، وأملهما فى الحياة وهدف وجودهما الحقيقى. وهذا الحب الحقيقى انعكس على علاقتهما ولذلك قال آدم عن حواء "هذه الآن عظم من عظامى ولحم من لحمى" (تك 23:2).
ب- الميل الجنسى النقى :
منذ البدء أوجد الله فى صميم تكوين نفس الرجل ميلاً طبيعياً للمرأة وفى صميم تكوين نفس المرأة ميلاً طبيعياً للرجل، وبهذا الميل المتبادل يتألفان ويتكاملان، أى أن هذا الميل الجنسى يخدم نمو الحب، ويساهم فى تحقيق التكامل بينهما.
كان الميل الجنسى ميلاً طاهراً نقياً، شأنه فى ذلك شأن باقى ميول الإنسان الأخرى قبل السقوط.. ونلحظ هذا الميل واضحاً منذ اللحظة الأولى التى أفاق فيها آدم من سباته، فوجد الله يقدم له حواء لتكون معيناً نظيره، فقال: "هذه الآن عظم من عظامى، ولحم من لحمى" (تك 23:2).. هنا نلاحظ شعور آدم نحو حواء بإعتبارها شخصاً مأخوذاً من داخله، وتربطهما رابطة خاصة ومنذ أن كانت حواء داخل آدم، رابطة تجذبهما الواحد إلى الآخر، هى ما يسمى "الميل الجنسى"، وبقوة هذا الميل تعود حواء مرة أخرى إلى أدم، ولكن لن تكون عودتها هذه المرة إلا على مستوى داخلى، وهو ما يسمى "الإتحاد الزيجى" الذى عبر عنه سفر التكوين بلفظ "الجسد الواحد" (تك 24:2).
كان الميل الجنسى - إذن - يهدف إلى تحقيق الوحدة الداخلية بين الرجل والمرأة، كى يصيراً معاً "كياناً بشرياً متكاملاً".
1- رؤية علمية للأعضاء الجنسية :
أ- ما أهمية الأعضاء الجنسية ؟
والسؤال بعبارة أخرى: ماذا لو تم استئصال الأعضاء الجنسية؟ هل يؤثر ذلك على حياة الفرد؟
إن تأثير الأعضاء الجنسية على حياة الفرد يختلف كثيراً عن تأثير الأعضاء الأخرى على نفس الفرد.. هناك أعضاء هامة لحياة الإنسان Vital Organs، وبدونها يتوقف الجسد عن أداء وظائفه مما يؤدى إلى الموت، فالقلب والمخ والكليتان والكبد إذا تم استئصال أى منها مات الجسد، لأن كلا منهم يؤدى وظيفة حيوية أساسية لحياة الكائن Unique Biological Function .
أما الأعضاء الجنسية فهى لا تنحصر فى الوظيفة البيولوجية، فالهرمونات التى تفرزها وتؤدى وظائف أخرى متعددة تساهم فى تكوين الشخصية والإتزان النفسى، والنمو العقلى والنمو العاطفى والإجتماعى.
كل أعضاء الجسم محددة فى وظيفتها البيولوجية، أما الأعضاء الجنسية فإن دورها البيولوجى (التناسل) هو أحد وظائفها فى حياة الفرد، وذلك لأن لها القدرة على التأثير فى كل نواحى الحياة النفسية والعقلية والإجتماعية للفرد.
الأعضاء الجنسية - سواء فى الرجل أو المرأة - تفرز الهرمونات الجنسية، وهى مواد كيميائية تخرج من الخصيتين والمبيضين إلى الدم مباشرة، وتنتشر لتؤدى دورها وتنشر تأثيرها لتؤثر على خلايا الجسم المختلفة.. فهى تؤثر على الجلد والعضلات والأعصاب والأوعية الدموية والعظام والمفاصل والقلب والحنجرة (الصوت) والشعر.. كما أن للهرمونات الجنسية تأثير فعالاً على النواحى النفسية والعقلية والإنفعالية للفرد من خلال تأثيرها على مراكز عصبية متعددة فى المخ البشرى.
إن المخ يحتوى على مراكز عصبية تتأثر بإنفعالات النفس تسمى "هيبوثالمس" Hypothalamus، وهو جهاز حساس فى المخ يترجم انفعالات النفس إلى مظاهر عضوية جسمانية، أو يعبر عن حركات النفس فى هيئة تظهر على أعضاء الجسم.. فإذا شعرت النفس بالخجل، أرسل "الهيبوثالمس" إشارات عصبية تؤدى إلى توسيع الأوعية الدموية بالوجه مما يؤدى إلى إحمراره.. وإذا شعرت بالخوف زادت الإشارات العصبية مما يؤدى إلى رعشة العضلات وسرعة ضربات القلب.. كذلك إذا شعر الزوجان برغبة الإتحاد معاً، فإن الإنفصال العاطفى يؤثر على "الهيبوثالمس" فترسل إشارات عصبية خاصة إلى الأعضاء الجنسية كى تؤدى دورها فى العلاقة الزوجية.
إن الهرمونات الجنسية تؤثر على مراكز الإنفعالات فى المخ "الهيبوثالمس"، كما تؤثر أيضاً على مركز الشخصية فى المخ.. وهكذا يمتد تأثير الهرمونات الجنسية إلى كل من الجسد والنفس، أى أنها تؤثر على كيان الإنسان كله.