"لا تشاكلوا هذا الدهر بل تغيروا عن شكلكم ..."
(رو 12: 2 )
إن المؤمن بينما هو في هذا العالم، لكنه ليس منه. ليس منه بنفس المعنى المستفاد من أن المسيح ليس منه. إنه ينتمى إلى عالم آخر، لأنه إن كان أحد في المسيح فهو خليقة جديدة. لقد صار المؤمن خارج العالم بواسطة موت وقيامة المسيح، وعليه أن ينفصل بجملته عن العالم ولا يُشاكل أهله (غل 1: 4 ، رو12: 2) - في الروح والعادات والعيشة والسلوك.
ينبغى أن يظهر في كل شىء أنه ليس من العالم، كما أنه بتطبيق الصليب على نفسه يعتبر نفسه مصلوباً للعالم.
ولا يمكن أن يكون هناك مُشابهة ولا تجاذب بين شيئين قد مات كل منهما. لكن من جهة أخرى نقول أن المؤمن موجود في العالم في مكان المسيح أو هو في العالم لأجل المسيح وفى اتحاد كامل معه. وبالتبعية يجب أن يشهد للمسيح وأن يسلك كما سلك المسيح.
يقول الرسول بولس "لكى تكونوا بلا لوم وبسطاء، أولاداً لله بلا عيب في وسط جيل معوّج وملتوٍ تُضيئون بينهم كأنوار في العالم" (فى2: 15) . وأيضاً الرسول يوحنا يقول "مَنْ قال إنه ثابت فيه، ينبغى أنه كما سلك ذاك هكذا يسلك هو أيضاً" (1يو2: 6) .
ويجب عليه أن يتوقع نفس معاملة العالم للمسيح. ليس معنى ذلك أننا نتوقع أن نُصلب كما صُلب المسيح، لكن إن كنا أمناء فسنلاقى نفس روح العالم التى لاقاها هو له المجد. وفى الحقيقة بقدر ما يزداد تشبهنا بالمسيح، سيزداد ما نواجهه من اضطهاد.
وكون المؤمنين الآن يواجهون بُغضة قليلة من العالم، فهذا بسبب كونهم أقل انفصالاً عن العالم. ويا لها من دعوة لجميع القديسين ليتضعوا أمام الله وأن يطلبوا من جديد نعمة من الرب ليكونوا أكثر تكريساً وأكثر انفصالاً حتى يمكن للعالم نفسه أن يرى أننا ننتسب إلى الشخص الذي رفضه وصلبه!
كم واحداً هنا له روح بولس الذي رغب في "شركة آلام المسيح والتشبُّه بموته"!
كم منا لهم هذه الرغبة في ظل مسيح ممجد هو غرض قلوبهم وهدف آمالهم؟
ليت الرب يسترجع إلى قلوبنا هذا التكريس في الانفصال الكُلى عن العالم.