كثير من النساء يرفضن فكرة كونهن منتجات للحياة فقط، وموجودات لخدمة الرجل والعائلة والقيام بدور الأمومة وليس لشيء آخر، ويردن أن يكسرن صورة المرأة التي صنعها الرجل وعززتها العادات والتقاليد بكل حزم. وتحاول المرأة أن تخرج عن خجل الصمت الذي لازمها لفترة طويلة لكي تحول الكلام إلى فعل، وتستغل إمكانياتها الطبيعية والمكتسبة في أن يكون لها دور خارج البيت أيضا وتمارس مؤهلاتها العلمية والفكرية ومواهبها التي ترافق شخصية كل فرد بتميز فريد.
لقد حرر الله الإنسان وأطلقه لكي يعمل الأرض ويكون مسئولا عنها، ونعني بالإنسان هنا الرجل والمرأة معا، وكل ما يتعارض مع حرية الإنسان سواء فكريا أو سلوكياً، هو عائق في وجه أي مجتمع يريد أن ينمو ويكون كاملا وصحيحا. وهنا تجد المرأة الطموحة أزمات نفسية في حياتها لا تستطيع أن تخوض معاركها لوحدها لما له من آثار سلبية على سلامة الأجواء من حولها وخلق لمشاكل هي في غنى عنها، وتقع تحت ضغوط نفسية تفسر في سلوكيات حادة وقلق دائم لأنها تريد شيئاً وتحصل على شيء آخر.
فعلا إن مهمة المرأة كأم وراعية للأسرة لهي من المهمات المميزة والعظيمة، وكل امرأة تجد كيانها ومتعتها في ممارسة الأمومة والرعاية، ولكن ماذا عن الحاجات الأخرى لدى المرأة التي تجد أن في وسعها القيام بها ومشاركتها مع الآخرين لتثري حياتها، وتشبع طموحها من ناحية أدوار أخرى في الحياة تخرج عن نطاق الأسرة كذهابها للعمل خارجا، ومشاركتها في الأعباء المالية للأسرة التي تزداد يوما عن يوم، أو ربما دورها الثقافي في التعبير عن شخصية المرأة ومكنوناتها بمشاركتها في الفنون والكتابة والشعر.
تحت هذا الضغط نجد أن طموح المرأة يدفعها لأن تصل إلى الرجولة، وهذا ما نشاهده في مجتمعاتنا الحاضرة من تحد وتماد في التحول إلى مهمات رجولية كقيادة الطائرات والانخراط في أعمال رجال الأمن أو شرطة الطرق. وكل هذا نتيجة ردة الفعل التي خلفتها عصور من القيد على إمكانيات المرأة وقدرتها على المشاركة في العمل العام المتميز.
كل ما يهمنا في النهاية هو ألا يكون هناك ضحايا نتيجة هذا الطموح، ومن هذه الضحايا الأسرة والأطفال الذين يكونون أول من يدفع الثمن غاليا من تبدل الأدوار ومزج الأولويات في حياة الرجل والمرأة. لذلك نحتاج إلى وعي وضمير صالح في التمييز بين ما هو المهم وما هو الأهم، ونجد أن العودة إلى التشريع الإلهي هو الضمان الوحيد لحياة يسيرة وسليمة، حيث أن الله وزع المهمات بدقة وأعطى للمرأة نصيبها من الواجبات التي أهلها مسبقا لها، وللرجل نصيبه أيضا، ولكن الله لم يغلق الباب نحو الإبداع والمشاركة في أي عمل طالما أنه لا يتعدى ويؤثر على الوظيفة الأولى التي عينها لكل من الرجل والمرأة.
وتقول كلمة الله أن البيت بالحكمة والفهم يبنى، وترك للإنسان يستخدم حكمته في تسيير أمور حياته، على شرط أن تكون الحكمة سماوية وليست أرضية، ولا يحصل هذا إلا إذا كان الإنسان خاضعا لفكر الله وعارفا لوصاياه وسالكا بالمحبة نحو الجميع لكي لا يسلب حق الناس الذي وكله الله عليهم لرعايتهم.