الحسد:هو شعور رديء، في داخل قلب الإنسان، بعدم الرضا والحزن بسبب ما يناله الآخرون من الخير والنجاح، وتمنّي زواله وتحوله للحاسد. وهو من أعمال الجسد الفاسد الذي في الإنسان (1كورنثوس 3:3؛ غلاطية 5: 21). كما أنه من الخطايا التي تُفسد العلاقات بين الإنسان وأخيه.
والحسد لا يعني، بالمرّة، ما يفهمه البعض من إيذاء الآخرين بواسطة النظر بعين شريرة؛ فهذا المفهوم خاطئ ويفتح المجال لتداخل الشيطان بأفكاره الخبيثة.
ذُكرت كلمة الحسد في الكتاب المقدس 31 مرة. والحسد في داخل قلب الإنسان له نتائج رديئة جدًا، وقد تأثر كثيرون من حسد الآخرين مثل هابيل وإسحاق ويوسف وموسى وهارون والرب يسوع، بسبب تميزهم.
فهابيل عندما قدّم من أبكار غنمه ومن سمانها للرب، والرب نظر إليه وإلى قربانه، ولكن إلى قايين وقربانه لم ينظر؛ اغتاظ قايين جدًا، وقام على هابيل وقتله. لقد كان قايين من الشرير، وأعماله كانت شريرة، فذبح أخاه بسبب الحسد.
وإسحاق عندما تغرّب في أرض الفلسطينيين، باركه الرب وصار عظيمًا جدًا، فحسده الفسطينيون؛ لذلك طموا الآبار وملأوها ترابًا، وعندما حفر آبارًا أخرى نازعوه وتخاصموا عليها (تكوين 26).
ويوسف الذي كان محبوبًا من أبيه يعقوب وصنع له قميصًا ملونًا، فأبغضه إخوته. وبعد أن أخبرهم بحلميه اللذين يكشفان عن العظمة التي سوف يكون عليها، حسدوه؛ لذلك عندما ذهب ليسأل سلامتهم قالوا: «هلم نقتله»، ثم طرحوه في البئر ليموت، ثم باعوه ليتخلّصوا منه (تكوين 37).
وموسى وهارون حسدهما كل من قورح وداثان وأبيرام وأون مع مئتين وخمسين من رؤساء الجماعة، واتهموهما باتهامات كاذبة بأنهما يرتفعـان ويترأسان على جماعة الرب وأنهما أخرجا الشعب ليميتوهـم في البرية (عدد 16؛ مزمور 106: 16).
وفوق الكل ما حدث مع ربنا يسوع المسيح، فبعد أن أقام لعازر من الأموات، سار الشعب وراءه بسبب هذه الآية العظيمة؛ فاغتاظ الفريسيون لأن العالم قد ذهب وراءه وليس وراءهم، فأسلموه إلى بيلاطس وطلبوا قتله، ولقد علم بيلاطس أنهم أسلموه حسدًا (مرقس 15: 10). فالرغبة في الحصول على الشهرة المتعلّقة بالرياسة الدينية وحب التسلط، تجعل هؤلاء يرفضون أي شخص تتعلق الأنظار به ويحاولون التخلص منه ولو أدى هذا إلى القتل.
ومما سبق نستخلص أن الحسد يولِّد العداوة والبغضة للآخرين، ويفتح أعمال شر ونزاع وخصام، وقد يؤدّي في النهاية إلى القتل. والحسد أقوى من الغضب ومن السخط؛ ويقول الحكيم: «ومن يقف قدام الحسد؟» (أمثال 27: 4).
والحسد له تأثيره السيء فهو ينخر عظام الحسود، كما يقول الحكيم: «حياة الجسد هدوء القلب ونخر العظام الحسد» (أمثال 14: 30). والحسد في المؤمن يعطِّل استجابة الصلاة (يعقوب 4: 2).
وينشأ الحسد نتيجة عُجب الآخرين بأنفسهم وافتخارهم (غلاطية 5: 26)، وأيضًا من المباحثات العقيمة ومماحكات الكلام (1تيموثاوس 6: 4). وقد يتسلّل الحسد إلى قلوبنا عندما نحوِّل أنظارنا عن الله ونركِّزها على الآخرين.
والخاطئ يعيش في الحسد (تيطس 3:3)، ومشحون حسدًا (رومية 1: 29). والحسود لا يرث ملكوت الله (غلاطية 5: 21) ولكن عندما يؤمن بالمسيح فإنه يكره هذه الخطية، وحتى إن سقط فيها لكنه لا يعيش فيها.
وتحرّضنا كلمة الله أن نطرح الحسد «فاطرحوا ... الحسد» (1بطرس 2: 1) وتحذّرنا منه «لا بـ... الحسد» (رومية 13:13). ولكي يتمّ ذلك، لننظر دائمًا إلى الرب يسوع، مثالنا الكامل، ولا ننظر لبعضنا البعض، بل نحسب بعضنا البعض أفضل من أنفسهم. وإن كان الحسد من أعمال الجسد لكننا بالروح نميت أعمال الجسد (رومية 8: 13).
ولا يجب حسد الأشرار على ما عندهم، لأن نهايتهم الهلاك الأبدي، وما لديهم مصيره حريق النار «لا يحسدن قلبك الخاطئين بل كن في مخافة الرب اليوم كله» (أمثال 23: 17 - انظر مزمور 37: 1؛ أمثال 3: 31؛ 24: 1، 19).
أخي.. أختي ... هل نحسد بعضنا البعض على ثروة، أو ممتلكات، أو تفوق، أو نجاح زمني، أو مواهب روحية، أو خدمة ناجحة، أو لباقة في الحديث، أو... أو...؟
ليحفظنا الرب من هذه الخطية المدمِّرة، ونعترف بها للرب ونتوب عنها، ولتمتلئ قلوبنا بالحب بعضنا لبعض لأن «المحبة لا تحسد» (1كورنثوس 13: 4).