تكون الذكريات مخزونا خاصا للمشاعر التي تسكن في العقل الباطن للإنسان. وعندما يستثار الوعي تطفو على السطح فيتذكرها العقل ويعيش للحظات أو ربما دقائق. ومع حجم التدفق الانفعالي تترسب حالة من الابتهاج أو الخوف والرهبة أو الحزن واللوعة. والتفاعل مع الذكريات يتيح للإنسان دائما فرصة للتأمل والمقارنة والإدراك قياسا على وعيه الجديد ومدركاته وخبرته التراكمية، واستمرار استرجاع الذكريات بحلوها ومرها دليل على حساسية النفس البشرية وقدرتها على التفاعل مع الأحداث بالمقارنة والاسترجاع للاستفادة النفسية والفكرية. هذا الرأي العلمي من ناحية الذكريات قدمه الدكتور عادل صادق أخصائي الأمراض النفسية. ولكن هل يمكن أن تكون هناك شخصيات تعيش بالكامل على الذكريات وتستحضر الماضي دائما بملء الإرادة للهروب من الحاضر ومن مواجهته بواقعية وعقلانية؟ وهل تعتبر هذه الشخصية التي هي أسيرة ذكريات الماضي شخصية مريضة أم لا؟
كثيرا ما تلجأ النساء إلى الأحلام أكثر من الرجال وذلك لتركيبهن العاطفي، وتجد المرأة وسيلة للهروب من ضعفها في مواجهة الحاضر والتغلب عليه بأن تصبح حالمة أو متأملة وشاعرية حتى تحمي نفسها من المعركة الحقيقية التي عليها أن تخوضها لكي تجزم أمور حياتها. وتعتقد بعض النساء أن العيش في ذكريات فقدان الأحباء هو نوع من الوفاء والإخلاص لهم. ولكن هذا ينعكس بالتأكيد على حياتهن ومدى تقبل الناس من حولهن لهن، وخصوصا أفراد العائلة المقربين الذين يتأثرون بهذا الجو الذي يحيط بالمرأة التي تعيش على ذكريات الماضي فقط وتفقد واقعيتها وتفاعلها الحقيقي مع من حولها.
إن كنت تجدين متعة في العيش على الذكريات فقط وبطريقة مستمرة، سواء كانت ذكريات مفرحة تحيطك بجو من الراحة، أو ذكريات مؤلمة تفضلين أن تعيشيها لكي تحافظي على حزنك وألمك وتتمسكي بهما، فأنت بحاجة إلى أن تفعلي كما فعل بولس الرسول، ولكي تعرفي أترك معك هذه الآية التي تقول: "ولكني أفعل شيئاً واحداً إذ أنا أنسى ما هو وراء وأمتد إلى ما هو قدام" (فيليبي 3: 13).