المعجزات والعجائب هي عمل خارق للطبيعة لا يستطيع العقل البشري أن يدركه وهي من صفات الله الخالق وحده , والانسان المخلوق المحدود لا يستطيع أن يصنع معجزة أو عجيبة بإرادته الذاتية , لكن الله يستخدم الانسان في صنع هذه المعجزات لاسباب تخص الله . فمع أن خلق الكون والارض وما يوجد عليها من مخلوقات والانسان المخلوق نفسه هي معجزات عظيمة لا نستطيع أن ندركها . نرى أن الله نفسه يتعامل مع هذه الانسان الضعيف المخلوق بمعجزات لكي يظهر له ذاته وقوته وجبروته وأيضا عنايته فيه , ولكي يفهم هذا الانسان محدوديته .مثل العجائب التي صنعها بواسطة موسى في مصر وشقه البحر الاحمر , والمن السماوي كل يوم خلال أربعين سنة في الصحراء وغيرها . لكن بسبب قلب الانسان الغير مؤمن والجاحد نراه يرفض هذه المعاملات من الله تجاهه . ومع أن الله يستطيع أن يبيد هذا الانسان الذي يرفضه ولا يؤمن به, بلحظة , وهذا حقه لانه هو خلقه وهو السيد المطلق لكنه بسبب محبته لهذا الانسان يتعامل معه بالمعجزات والعجائب , وأحيانا بظهورات لكي يؤمن به هو ويصدقه هو ويتبعه هو ,
ولفائدة هذا الانسان المحدود الصغير بالنهاية , لان الله لا يزيد ولا ينقص إذا آمن الانسان به أو رفضه . لكنه مع ذلك يشترط على الانسان أن يؤمن به لانه ( بدون إيمان لا يمكن ارضائه ) عبرانيين 11 : 6 . والكتاب يقول ( الايمان بالخبر والخبر بكلمة الله ) رومية 10 : 17 , أي أن مؤمن يخبر انسانا عن الله لكي يؤمن هو أيضا والواسطة لهذا الخبر هو كلمة الله , ( الكتاب المقدس ) . وقد ذكر المسيح في انجيل لوقا 16 قصة عن غني كان يتنعم بغناه وعلى باب بيته كان هناك فقير مسكين اسمه لعازر , وذكر المسيح لاسم هذا الفقير يعني أن القصة حقيقية , ويقول المسيح أن لعازر مات وانتقل الى حضن ابراهيم , والغني أيضا مات , لكنه وجد نفسه في جهنم , فرفع عينيه في الهاوية وهو في العذاب ورأى ابراهيم من بعيد ولعازر في حضنه فنادى وقال ياأبي ابراهيم ارحمني وارسل لعازر ليبل طرف اصبعه بماء ويبرد لساني لاني معذب في هذا اللهيب , فقال ابراهيم يا ابني اذكر انك استوفيت خيراتك في حياتك وكذلك لعازر البلايا والان هو يتعزى وانت تتعذب وفوق هذا كله بيننا هوة عظيمة قد اثبتت حتى أن الذين يريدون العبور من هنا اليكم لا يقدرون ولا الذين من هناك يجتازون الينا, فقال اسألك اذا يا ابت ان ترسله الى بيت ابي لان لي خمسة إخوة حتى يشهد لهم لكيلا يأتوا الى موضع العذاب هذا, قال له ابراهيم عندهم موسى والانبياء ليسمعوا منهم فقال لا يا أبي ابراهيم بل اذا مضى اليهم واحد من الاموات يتوبون فقال له ان كانوا لا يسمعون من موسى والانبياء ولا ان قام واحد من الاموات يصدقون . ) أي عندهم الكتاب المقدس الذي استخدم الله فيه موسى والانبياء لكتابته , الذي اكتمل بالعهد الجديد المتنبىء عنه في العهد القديم ,والمسيح نفسه قال ما جئت لانقض الناموس بل لاكمل الناموس , وآخر كلمة قالها على الصليب ( قد أكمل ) . فالكتاب المقدس هو وسيلة الله الوحيدة لمخاطبة البشر لكي يؤمنوا به والتعرف على ارادته . وليس بظهور القديسين الاموات , لانه ولو حتى افترضنا أن أحد القديسين الاموات ظهر أو تراىء لاحد ما, فعليه أن يتكلم بما هو مكتوب في الكتاب المقدس فقط لانه اكتمل ,واذا تكلم بشيء غير موجود بالكتاب المقدس وأصر البعض على صحته ينسبون بذلك النقص لكلمة الله أي أن كلمة الله غير كاملة وبحاجة لظهور هذا القديس أو ذاك ليخبرنا ما هو ناقص فيها وبذلك يهينون الله الكامل . وبالنتيجة هذا الظهور ليس من الله لانه لا يتكلم بما يطابق كلمة الله , وبما أن الكتاب المقدس متوفر في كل بقاع الدنيا فلا داعي للظهورات التي يتكلم عنها البعض . والرسول بولس يحذرنا من هؤلاء الاشخاص فيقول في رسالته الثاني الى أهل كورونثوس 11 : 13 ( لان مثل هؤلاء هم رسل كذبة فعلة ماكرون يغيرون شكلهم الى شبه رسل المسيح ولا عجب لان الشيطان نفسه يغير شكله الى شبه ملاك نور فليس عظيما ان كان خدامه أيضا يغيرون شكلهم كخدام للبر الذين نهايتهم حسب أعمالهم ) ,
وفي رسالته الى أهل غلاطية 1 : 8 ( ولكن ان بشرناكم نحن أو ملاك من السماء بغير ما بشرناكم فليكن أناثيما كما سبق فقلنا أقول الان أيضا ان كان أحد يبشركم بغير ما قبلتم فليكن أناثيما ) , أي اذا قال انسان ما أو حتى ملا ك من السماء أو قديس ظهر لاحد, كلا ما يناقض تعليم كلمة الرب فليكن اناثيما أي مرفوضا يعني علينا أن نرفض كل كلام من أي مصدر كان لا يتوافق مع تعليم كلمة الرب . وهناك تحذير أيضا في سفر التثنية قاله الرب على لسان موسى للشعب , تثنية 13 : 1-3 ( اذا قام في وسطك نبي أو حالم حلما وأعطاك آية أو أعجوبة , ولو حدثت الا ية أو الا عجوبة التي كلمك عنها قائلا لنذهب وراء آلهة اخرى لم تعرفها ونعبدها فلا تسمع لذلك النبي أو الحالم الحلم لان الرب الهكم يمتحنكم لكي يعلم هل تحبون الرب الهكم من كل قلوبكم ومن كل انفسكم ). لان الله عندما يصنع آية أو أعجوبة يصنعها لكي يؤمن الناس به هو ويرجعون اليه هو ويتوبون اليه هو ويصلون اليه هو . وبناء على ذلك كل آية أو اعجوبة أو ظهور ما يحدث , تكون نتيجته أن الناس تصلي أو تخاطب أوتطلب شفاعة الشخص أو القديس بدل الله فهي ليس من الله , لان هدف الله بالاساس من العجائب ان الناس ترجع اليه , و تؤمن برسالة أو كلام الشخص الذي أرسله ,فإذا راجعنا صفحات العهد الجديد نراها واضحة وضوح الشمس .
ففي انجيل لوقا 16 : 19 يقول ( ثم ان الرب بعد ما كلمهم ارتفع الى السماء وجلس عن يمين الله وأما هم فخرجوا وكرزوا في كل مكان والرب يعمل معهم ويثبت الكلام بالا يات النابعة ) .أي كان الرب يصنع عجائب بواسطة الرسل لكي يؤمن الناس بكلامهم , وفي اعمال الرسل 14 : 3 يقول عن بولس وبرنابا في مدينة أيقونية ( فاقاما زمانا طويلا يجاهران بالرب الذي كان يشهد لكلمة نعمته ويعطي أن تجرى آيات وعجائب على أيديهما ) حتى يصدق الناس كلامهما لان العجائب هي عمل الهي فقط . وفي رسالته الى أهل رومية كتب بولس, رومية 15 : 18 ( لاني لا اجسر ان اتكلم عن شيء مما لم يفعله المسيح بواسطتي لاجل اطاعة الامم بالقول والفعل بقوة آيات وعجائب بقوة روح الله حتى اني من اورشليم وما حولها الى الليريكون قد اكملت التبشير بانجيل المسيح ) أي كانت العجائب تساند بشارته بالمسيح . وفي رسالته الى اهل تسلونيكي 1 : 5 يقول بولس ( ان انجيلنا لم يصر لكم بالكلام فقط بل بالقوة أيضا وبالروح القدس وبيقين شديد كما تعرفون اي رجال كنا بينكم من اجلكم ) أي أن بشارة الانجيل كانت تنتشر بقوة العجائب التي كان يصنعها الله على أيدي رسله , وهذا الا ثبات كان ضروريا للبشارة وإلا كل انسان يستطيع أن يقول أنه مرسل من الله دون اثبات والناس تتبع ضلاله وخاصة اذا كان كلامه منمقا بحكمة بشرية . وفي الرسالة الى العبرانيين يقول الكاتب في عبرانيين 2 : 3 ( فكيف ننجوا نحن ان اهملنا خلاصا هذا مقداره قد ابتدأ الرب بالتكلم به ثم تثبت لنا من الذين سمعوا شاهدا الله معهم بأيات وعجائب وقوات متنوعة ومواهب الروح القدس حسب ارادته ) .