ديني
(إندونيسيا)
كانت ديني الابنة البكر والاقرب الى قلب والدها، ما سبب لها اكتئابا شديدا عندما فارق الحياة بشكل مفاجىء. الا ان حزنها تحول الى غضب، عندما ادركت ان خالتها تحمل جنينا في احشائها، بسبب علاقة عاطفية سرية كانت تربطها بوالدها. وما زاد من غضب ديني، ان امها ايضا كانت حبلى في ذلك الوقت، وقد قررت ان تضع اطفالها الثلاثة في احدى دور الايتام.
فقدان المعيل اضطر والدة ديني الى بيع قطع اثاث المنزل وحليها واشيائها الثمينة، كي تدفع عن عائلتها غائلة الجوع. وبعد أربعة اعوام، عندما اصبحت ديني في السادسة عشرة من العمر، اخبرها أحد أقاربها أن أمها تستعد للزواج من رجل آخر. فأحست ديني وكأن جرحا غائرا اصاب قلبها، ولم تفهم لماذا لم تصارحها أمها بالأمر. وشعرت كما لو أنها وحيدة في العالم وليس لها من يمكنها الثقة فيه والإعتماد عليه. فوالدها قد خيب ظنونها، وها هي أمها تتصرف بالمثل.
اقامت ديني علاقات صداقة في المدرسة مع عشراء السوء، فتعلمت منهم التمرد والعناد لفترة من الزمن، انقطعت فيها عن الدرس، ولم تعد تلتزم بارتداء الزي المدرسي، كما كانت طرفا في مشاجرات عديدة. وعندما بدأت ترى المشاكل الخطيرة التي زج اصدقاؤها انفسهم فيها، بدأت ديني تسأل نفسها عن الهدف الذي تصبو اليه في حياتها. فالفرائض الدينية التي كانت تواظب على ممارستها لم تجلب لها السعادة، الا ان ذلك لم يكن سببا لكي تتخلى عنها.
حل شهر رمضان، وكانت ديني ملتزمة تماما بواجب الصوم والصلاة حسب التقاليد الدينية، فقررت يوما ان تصلي صلاة التجاويد. وهذه الصلاة لا تعتبر ملزمة كالصلوات الخمس التي يطالب بها القرآن يوميا. وهي تصلى في منتصف الليل، ويطلب المصلي من خلالها علامات معينة من الله. ضبطت ديني الساعة المنبهة على الوقت المعين، وعندما استيقظت، تقول في شهادتها "كان لديَّ إيمان قوي أنه مهما طلبت من الله في تلك الليلة، سوف يصغي الىَّ ويستجيب طلبتي". وفي ختام صلاتها التي كانت تحفظها عن ظهر قلب، صرخت الى الله "إنني في حيرة شديدة يا الهي ولا أعرف كيف أحصل على رضاك". وتابعت تقول " ان اردتني يا الله أن احيا وفق مشيئتك، أرني الطريق القويم في هذه الليلة. إذا لم ترني اياها فاتركني أحيا كيفما أشاء. ولن أهتم بفرائض الدين فيما بعد. وإن مُت لا تلُمني لأنني لم أعرف ماهو الطريق الصحيح. وإن كانت نهايتي هيَّ جهنم، فأنا لا أريد أن أذهب الى هناك يا الله. فذلك لن يكون عادلا، لأنك لم توضح لي الطريق. يإلهي إنني أريد في هذه الليلة أن تُبين لي طريق الصواب. وسأحيا حياتي بالطريقة التي تحددها لي".
وفيما لا تزال ديني تصلي، ابرق حولها نور لامع، ورأَت شخصاً يقف مقابلها وهو يرتدي لباسا ناصع البياض. الا انها لم تتبين ملامح وجهه بوضوح، ولكنها ادركت دون ان تعرف السبب ان هذا الرجل هو عيسى المسيح الذي قال لها "إتبعيني". وفي وسط حيرتها، قالت ديني "كيف يمكنني ان اتبعك وانا فتاة مسلمة؟". وطرحت عليه اسئلة عديدة. وقد ملأها العجب لدى سماعها اجابات الرجل عن الكيفية التي تمكنها من اتباع اله المسيحيين. الا ان صوتا آخر كانت ديني تسمعه يحذرها من اتباع هذا الرجل قائلا "ليس في إمكانك إتباعه. إنسي هذه الصلاة. دعك من الرغبة في العيش بشكل مستقيم". ولكن عندما كانت تنظر الى الرجل ذي الرداء الأبيض، كانت تشعر بهدوء غريب وسلام عجيب.
واصل يسوع دعوته لديني كي تتبعه، وهو يمد يديه نحوها. فكانت في صراع شديد مع نفسها قبل ان تتخذ قراراها. فصلت قائلة "يا الله، إن كان هذا هو طريق الحق، فإنني أريد أن أتبعك". وما ان تلفظت بهذه الكلمات حتى غمرها فيض من الفرح اثلج صدرها، وشعرت بسلام لم تختبره من قبل على الإطلاق. وتقول ديني "شعرت أن شيئاً فائقا غَيَرَ قلبي".
واجهت ديني إضطهاداً من عائلتها بعدما صارت مسيحية، وكانت في السابعة عشرة من العمر عندما إضطرتها اسرتها لمغادرة المنزل. فالتحقت بمدرسة داخلية وأخذت تدرس وتعمل في آن معاً، لكي تحصل على المال الذي يعينها على مواجهة الحياة. وهي سَعْتْ جاهدة للتصالح مع اهلها، الا انها لم تساوم البتة على ايمانها وعهدها مع المسيح، على رغم احترامها لتقاليد قومها ومعتقداتهم. وقد كان اختبارا عظيما لها ان تسامح والدها عن الشر الذي فعله مع خالتها، فأخذت على عاتقها ان تحتضن اخاها غير الشرعي بعدما رفضت والدته الاعتناء به. وقد أصبحت ديني مثالاً حيا للشخص "الذي يستطيع كل شئ في المسيح الذي يقويه".
هل تعيش ظروفا صعبة في حياتك؟ هل تشعر بمرارة نحو أقرب الناس اليك؟ هل جُرحت وتعرضت لإهانة بالغة من اولئك الذين توقعت منهم الحب والحنان، فلم تجد سوى القسوة والانانية والمعاملة الرديئة؟ تعال إلى مصدر الحب الحقيقي. الحب الذي ظهرَ على عود الصليب وقدمه يسوع المسيح لأجلك. فقد نزل من السماء وجاء إلى أرضنا الملوثة بالخطيئة لكي يأخذ عنك ثقل خطاياك ويحررك منها ويروي قلبك من فيض حبه الخالص المقدم لك بدون أي شروط. يريد الرب يسوع أن يعيد لك إعتبارك ويشفي جروحك، ويجعلك إبناً له بالايمان، ويهتم بك ويرعاك كواحد من خرافه الخاصة. هل تسأله أن يدخل إلى حياتك ويغنيها؟ أكتب لنا فنحن نهتم بخلاصك وسعادتك ومصيرك الابدي.
.