من سجين … إلى ملك
قصة غريبة !
يحكي لنا الكتاب المقدس عن قصة غريبة حدثت بالفعل .. وإن كانت غير معروفة لدى الكثيرين ، ولكنك تستطيع أن تجدها في (إر 34-31:52) .
وتدور أحداث هذه القصة عن شخص يُدعى يهوياكين .. مكتوب عنه أنه عمل الشر في عيني الرب (2 أخ 36: 9) ولهذا سُبي وصار سجيناً . ويقول سفر إرميا أن مدة سجنه لم تكن سنتين أو ثلاث سنوات فحسب ، بل سبع وثلاثين سنة ، منذ أن كان شاباً في الثامنة عشر من عمره .
نعم إن الكتاب المقدس يُعلن أن عمل الشر هو الذي دائماً ما يؤدي إلى التعب والألم في الحياة .. ويجعلك سجيناً نفساً وروحاً وجسداً .
تخيل معي مشاعر إنسان كهذا . بالطبع كان يشعر بالمرارة .. كان موثوقاً بالذل والحديد.. كرهت نفسه كل طعام واقترب إلى أبواب الموت (مز 107 : 10 ، 18) .. لم يجد إنساناً يسأل عنه أو يهتم به .. لم يتلق كلمة حب من الآخرين .. كان يشعر بالوحدة .. كانت نفسه محطمة .. لم يجد لحياته معنى .. فَقَدَ كل شيء حتى لم يكن هناك هدف لوجوده في هذا العالم .
واستمر يهوياكين على هذا الحال يوماً بعد يوم لمدة سبع وثلاثين سنة .. كانت حياته رتيبة مملة .. فَقَدَ أي توقع لشيء جديد مختلف في حياته .
ولكن يوماً ما حدث ما لم يكن في الحسبان .. حدث شيء غريب غيّر مجرى حياته .. كان هذا اليوم نقطة البداية لمرحلة جديدة في حياته بعد كل هذه السنين .
فما الذي حدث ؟
يقول الكتاب في عدد 31 " في السنة السابعة والثلاثين ، في الشهر الثاني عشر ، في الخامس والعشرين من الشهر " . هل تفهم معنى هذا التوقيت ؟ إنها نهاية الشهر الأخير للسنة السابعة والثلاثين .. أي أنه الهزيع الرابع . في ذلك اليوم ، وبينما كان يهوياكين يجلس وحيداً كعادته منكس الرأس بلا أمل في الحياة ‘إذ بباب السجن يُفتح . لم يهتم يهوياكين أن يرفع رأسه ليرى مَنْ القادم .. لقد تعود أن يأتي إليه الحارس كل يوم ليحضر له الطعام .. لم يكن يتوقع أن يحدث شيئاً مختلفاً .. لم يكن يتوقع زيارة عظيمة !
دخل شخص غريب إلى الزنزانة وتكلم معه كما لو كان يقول له " لماذا تحني رأسك ؟ انظر إليَّ .. " .
وبدأ يهوياكين يرفع رأسه بيأس شديد ، ووجد أمامه ما لم يكن يتوقعه على الإطلاق . وجد الملك أمام عينيه .. وجد أن الملك قد أتى ليرفعه ويعفو عنه ويطلقه حراً .. وكان هذا اللقاء بداية حياة جديدة له . هل تتخيل هذا ؟!
عزيزي .. أدعوك أن تتأمل معي في هذه القصة .. فأنا لا أريدك أن ترى يهوياكين والملك الأرضي فقط ، لكني أريدك ، من خلال هذه القصة ، أن ترى ما هو أعمق وأهم بالنسبة لك . أريدك أن ترى نفسك وحياتك أنت وترى ملك الملوك الرب يسوع .
قد ترى حياتك مشابهة لهذا الشخص . ربما تعيش حراًً خارج أسوار السجن المادي ولكنك في الحقيقة تشعر أنك مقيَّد من الداخل ، تعيش في سجن ولا تستطيع الإنطلاق .. ربما تكون مقيداً من إبليس أو من الخطية .. وتشعر أنك مرفوض من الرب ولا تستحق أي شيء .. وقد تكون ارتكبت خطية شنيعة في الماضي تركتك معذباً بالإحساس بالذنب غير متمتعاً بالحرية الحقيقية .. وربما تحيا وسط عائلتك ولكنك تشعر بالوحدة والعزلة بينهم ، وأن لا أحد يفهمك ..
ربما تعاني من الشعور بالملل أو الروتين في حياتك .. وترى أن حياتك بلا معنى ا ولاقيمة .. وفقدت التوقع في أن يحدث شيئاً جديداً في حياتك .. بل وربما تكون قد اعتدت على الذهاب إلى الكنيسة واستمعت عن يسوع الذي يغير النفوس ولكنك لا تتوقع أن يغيرك أنت .
بشارة سارة
حدثت زيارة مفاجئة ليهوياكين ..تلقى زيارة عظيمة من الملك لتعلن له بداية الحرية والتغيير.
أؤكد لك أنه مهما كانت حياتك أو ظروفك أو عدد السنين التي عشتها في السجن فإنك تستطيع الآن أن تحظى بزيارة الرب يسوع الملك العظيم ، الذي يأتي ويقف بجوارك ليغير حياتك . نعم إنه يحبك .. وهو يريد أن يأتي إليك الآن ليخرجك من سجنك ويعطيك حياة جديدة .
أؤكد لك أيضاً أنك لن تخرج من سجنك ولن تتحرر من التعب والعبودية ما لم تختبر زيارة الملك العظيم ، ملك الملوك ورب الأرباب الذي أتى لتكون لك حياة وليكون لك أفضل (يو 10 : 10) .
دعني الأن أكمل لك القصة لترى ماذا فعل الملك مع يهوياكين ، ومنه تعرف ماذا يريد الرب يسوع أن يفعل معك ومع كل إنسان يرحب به في حياته .
1- ورفع رأسه
نعم ، أول شيء فعله الملك أنه رفعه من المذلة .. رفع قدره . رفع رأس يهوياكين لينظر إليه . هكذا الرب يسوع أيضاً يريد أن يرفع رأسك لتنظر إليه .. لا يريدك أن تنظر إلى نفسك ولكن أن تنظر إليه لكي تراه بكل مجده .. لأنه يعلم أن حياتك ستتبدل تماماً عندما تنظر إليه .. فلقد تغيرت كل حياة يهوياكين منذ ذلك اللقاء رغم الشر الذي كان فيه .
لذلك أدعوك أن تنظر إلى الرب بلا خوف شاعراً بالأمان ، حتى وإن كنت تحيا في الإثم والشر .. فهو لن ينظر إليك بنظرات اللوم .. لن يدينك على ما فعلت .. ولن يأخذ موقفاً ضدك .. بل ينظر إليك بنظرات الحب لأنه يحبك كما أنت وبلا مقابل .
هل تتذكر معي قصة المرأة التي أُمسكت في ذات الفعل ؟ . يقول الكتاب " .. وبقى يسوع وحده .. ولم ينظر أحد سوى المرأة .. فقال لها ولا أنا أدينك . اذهبي ولا تخطئي أيضاً" . (يو 8 : 9-11) .
نعم ، إن لقاء واحد مع شخص الرب يسوع لهو كفيل أن يجعلك إنساناً جديداً أبيض من الثلج (إش 1 : 18) .
2- وأخرجه من السجن
لم يكتف الملك بأن رفع رأس يهوياكين ثم يتركه ويمضي .. لم يكتف أن يكلمه بكلمات مشجعة فقط . أنظر ماذا فعل الملك أيضاً ؟ .. لقد أخرجه من السجن .. وانتقل يهوياكين من السجن إلى الحرية .. شعر أنه حُر لأول مرة منذ سبعة وثلاثين سنة .. ورأى النور بعد سنوات طويلة من الظلام .
وهكذا الرب يسوع لا يتكلم إليك بكلمات مشجعة فقط ولكنه يمد يده لحياتك ليصنع معك أعماله العظيمة .. فالرب يسوع مات بديلاً عنك لكي بقوة موته يطلقك إلى الحرية .. لم يمت الرب يسوع لكي تبقى أنت في السجن .. فالعبودية ليست مشية الرب لك .. جاء ليطلق الأسرى أحراراً . " قائلاً للأسرى أخرجوا .. " (إش 49 : 9) .
أنت مدعو الآن إلى الحرية لتنطلق من سجن إبليس .. من سجن الخطية أو الإدمان أو من سجن عاداتك القديمة . إن يسوع يقف الآن بجوارك مستعداً لأن يحررك بالكامل .
يقول الكتاب المقدس " أخرجهم من الظلمة وظلال الموت وقطع قيودهم ..." (مز 107 : 14) .
لذلك أدعوك أن تصلي الأن وأنت تقرأ هذا الكتيب قائلاً " يارب أدخل إلى حياتي .. فًك حياتي ..إخرجني من السجن الآن حتى ولو كان الأسر طويلاً " .. تذكر أن يهوياكين كان نحو الخامسة والخمسين من عمره في ذلك الوقت ، ولكن لا يعسر على الرب شيء .
3- وكلَّمه بخير
نعم كلَّمه بخير .. كلَّمه بأخبار سارة . ربما لم يكن قد سمع كلمة خير أو أخباراً سارة منذ زمن بعيد .. بل وربما لم يتوقع قط أن يسمع كلمة خير بقية حياته .نعم ، جاء يسوع ليكلمك بكلمات الخير .. كلمات تُدخل الراحة إلى نفسك.
هل تعلم أن كلمة " الإنجيل " تعني الأخبار السارة ؟ .. والكتاب المقدس يقول أن " الخبر الطيِّب يُسمِّن العظام " (أم 15 : 30) .
هل تعلم أن كل صفحة من الإنجيل مليئة بالأخبار السارة وبالوعود الثمينة أيضاً ؟
إن يسوع في الصليب كان بديلاً عنك .. هذا خبر سار .
أحبَّك إلى المنتهى ..أحبَّك رغم ما فيك من عيوب . يريد أن يمنحك غفراناً لكل خطاياك .
جاء ليعطيك حياة أبدية .. وكل هذه أيضاً أخبار سارة .
نعم ، أدعوك أن تتمتع معي بوعود الرب السارة والمشجعة التي تقول أنك لست مرفوضاً بل مقبولاً في الرب .. لست فيه عبداً بل إبناً .. يقول لك أنت لي .. أنا معك .. أنا فديتك .... لا تخف ..
تعلَّم أن تأتي أمام الرب حتى في أشد أوقات ضعفك فيتحدث إليك بأحد وعوده الثمينة ، فيرفعك فوق ضعفك ويغيِّر حياتك .
ثق أن كلمة واحدة من الرب كافية لأن تحول حياتك بأكملها من الحزن إلى الفرح والبهجة .
4- وجعل كرسيه فوق كراسي الملوك
لم يعد يهوياكين من ذلك اليوم فصاعداً محسوباً من المسجونين .. بل صار ملكاً .
فهكذا أيضاً الرب يسوع الذي أخرجنا من سجن العبودية جعلنا ملوكاً لله أبيه (رؤ 1 : 6) .
ماذا عن حياتك الماضية ؟ هل كنت تشعر دائماً بالضعف أو المهانة وصغر النفس ؟ .. إن كنت من هذا النوع ، فافرح وتشجع لأن يسوع مات لأجلك كي يرفع قدرك فتكون لحياتك قيمة .
وإن كنت لا تزال تشعر بأنك في التراب ولا قيمة لك ، ثق أن الرب هو " المقيم المسكين (أنت) من التراب " .
إن كنت تشعر بأنك بائس ، هيا اشكر الرب وسبحه لأنه هو " الرافع البائس من المزبلة . ليجلسه مع أشراف .. مع أشراف شعبه " (مز 113 : 7، 8) .
لم يأت يسوع لتعيش مُهاناً ذليلاً ، بل أتى لكي يزيد عظمتك (مز 71 : 21) .. أتى لكي " يجعلك رأساً لا ذنباً وتكون في الارتفاع فقط ولا تكون في الانحطاط " (تث 28 : 13) .
اشكر الرب من أجل كل ما فعله لك .. فقط ثق فيه .. وتمتع بمكانتك الجديدة فيه .. فأنت لم تعد بعد عبداً أو مسجوناً بل ملكاً . لذا قل داخلك :
أنا لست عبداً بعد اليوم .. ..
لست عبداً للظروف بل ملك ..
لست عبداً لإبليس بل إبن ..
لست عبداً للخطية بل حر ..
يسوع منحني الحرية وجعلني ملكاً ! .
5- وغيَّر ثياب سجنه
نعم ، غيَّر ثياب سجنه القذرة المهلهلة ، وأعطاه ثياباً جديدة من نوع آخر .. ثياباً تدل على أنه قد صار ملكاً .
هل اختبرت من قبل أن يستبدل الرب ثيابك القديمة بثياب جديدة ؟ .. يقول الكتاب أن الرب قد ألبسنا ثياب الخلاص كسانا رداء البر (إش 61: 10) .
إن كنت مازلت تعاني من الإحساس بالذنب ولا تستطيع أن تسامح نفسك بسبب خطية ارتكبتها في الماضي .. ربما تكون حدثت في الخفاء ، منذ سنين طويلة ، ولا يعلمها أحد سواك .. فهذه ثياب قديمة يريد أن يستبدلها الرب بثياب جديدة .
أشجعك أن تقرأ معي بإيمان قصة يهوشع في (زك 3: 3-4) ، وثق أن الرب سيفعل معك كما فعل مع هذا الشخص . " كان يهوشع لابساً ثياباً قذرة (تشير إلى التلوث بالخطية والإحساس بالذنب) وواقفاً قدام الملاك . فأجاب الرب وكلم الواقفين أمامه قائلاً انزعوا عنه الثياب القذرة . وقال له انظر . قد أذهبت عنك إثمك وأُلبسك ثياباً مزخرفة (ثياب الأعياد والأفراح) " .
أتى يسوع ليعطيك جمالاً عوضاً عن الرماد (ليصلح كل ما فسد وتحطم في حياتك) .. يعطيك دهن فرح عوضاً عن النوح (ليشفيك من كل حزن) .. ورداء تسبيح عوضاً عن الروح اليائسة (ليرفع عنك كل أحاسيس اليأس والهزيمة) (إش 61 : 3) .
افرح وسبح الرب لأنه دفع الثمن بالكامل عندما سفك دمه الثمين . قم وثق أن الرب جاء ليغير ثياب سجنك .. ويلبسك ثياب المجد .. فلا تبق في ثياب الحزن القديمة بعد اليوم .
6- وكان يأكل دائماً الخبز أمامه كل أيام حياته
يا له من شبع كل أيام الحياة ! .. هنا على الأرض وهناك في السماء . يقول الكتاب في
(رؤ 3 : 20) "هنذا واقف على الباب وأقرع . إن سمع أحد صوتي وفتح الباب أدخل إليه وأتعشى معه وهو معي " .
نعم ، ستأكل خبز الفرح دائماً .. ستتمتع بوليمة سرور .. ستشبع من حضور الرب كل الأيام .. كما هو مكتوب " أمامك (في حضورك) شِبَع سرور . في يمينك نِعَمٌ إلى الأبد " (مز 16 : 11) .
لا تعتقد أنك ستجد الشبع في الحياة بعيداً عن الرب . إن كنت تفكر هكذا فأنت مخدوع .
هل تتذكر قصة الابن الضال الغني ، الذي ترك الشبع الحقيقي لدى الآب ، وذهب بعيداً ليجد شبعه من العالم .. فأنفق كل شيء ، وابتدأ يحتاج . وكان يشتهي أن يملأ بطنه من الخرنوب الذي كانت الخنازير تأكله ، فلم يعطه أحد (لو 15 : 14-16) ؟
هل أنت شاب أو شابة في مقتبل العمر . وتخاف أن تأتي للرب يسوع لأنك تظن أن الحياة مع الرب هي حياة الحزن والكبت والحرمان ؟ .. إن كنت تفكر هكذا ، فاعلم أن إبليس يخدعك بهذه الكلمات لكي يحرمك من أحلى حياة ، بل ويحرمك من الحياة الأبدية ، إبليس يعلم تماماً أن يسوع هو مصدر كل شبع ، ولكنه يحول نظرك عن الرب ، فيعرض عليك كل يوم شبعاً مؤقتاً بالخطية والعالم ، وهو يعلم يقيناً أنه شبع مزيف لاحقيقة فيه .. إبليس يريدك أن تكون معه في البحيرة المتقدة بالنار والكبريت . لذا لا تلتفت إلى إغوائه .. اتركه وشأنه .. وتعال إلى يسوع خبز الحياة (يو 6 : 35) ، كما هو مكتوب " لأنه أشبع نفساً مشتهية وملأ نفساً جائعة خبزاً " (مز 107 : 9) .
صلاة
لأجل كل هذه النقاط جاء يسوع إلى العالم .. بل جاء إليك أنت .
والآن أتى الوقت الذي تستطيع أن تتجاوب فيه مع كل ما قرأت في هذا الكتيب .. إن يسوع الملك العظيم مستعد لزيارتك الآن ليجري فيك كل هذه التغييرات التي قرأت عنها .. وثق أنه إن خرجت اليوم من السجن فلن تدخله ثانية .
ولهذا إرفع صلاة من قلبك للرب الذي يسمعك الآن .. صلاة تعبر عن اشتياقك للتغيير الحقيقي .. وتوقع حدوث معجزة داخل قلبك فتتغير كل حياتك . وحتى إن كنت غير معتاد على الحديث مع الرب لأنك تشعر أنه بعيد عنك ، فأنا أؤكد لك أنك تستطيع أن تتحدث إليه الآن ببساطة فهو أقرب شخص إليك .. ويعرف تماماً كل حياتك ومشاعرك . قل له :
يا رب أريد أن أختبر زيارتك لي الآن .
أريد أن أختبرك الملك الذي يقتحم سجن حياتي فأنطلق حراً .
أريد أن أختبرك المحرر الذي يفكني من قيود الخطية والنجاسة .. والحزن .
أريد أن أخرج من السجن الآن لأبدأ حياتي معك من اليوم وأعيش كملك فيك كل أيام حياتي .
أشكرك وأفرح بك وأثق أنك تستمع لي آمين .