يعتبر قرار الزواج من القرارات الهامة والمصيرية في حياة الشباب، ولاسيما أن الإنسان منا تقريباً يقضي 1/3 حياته أعزب، و2/3 حياته متزوجاً، يترتب على هذا القرار إما السعادة والهناء أو التعاسة والشقاء، علاوة على أن قرار الزواج يؤثر علي ملكوت الله، فعندما يكون الشريكان في دائرة الإيمان سيشجعان بعضهما البعض على العمل والخدمة، وسيعكسان معاً من خلال وحدتهما وحدة الثالوث الأقدس. ورغم ذلك يقبل الكثيرون من الشباب على الزواج لكن دون وعي كاف بما هو الزواج، أو ما هي دوافعه؟
دعني أناقش معك عزيزي القارئ هذا الموضوع الهام في هذه الحلقة وحلقات أخرى بنعمة الرب.
فما هو الزواج؟ وما هي دوافعه؟
- نظام إلهي جميل ورائع رتبه الله، فيه يرتبط رجل واحد بامرأة واحدة مدى الحياة، تجمعهما معاً رغبة العيش المشترك "من أجل هذا يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته" (تك 2: 24)
كما أنه ارتباط مقدس ارتباط أنفس وأرواح قبلما يكون ارتباط أجساد، أيضاً هو عهد مقدس مع الله فيه يتعهد كل طرف أمام الله أن يكون أميناً للطرف الآخر مدى الحياة.
دوافع الزواج: هناك دوافع خاطئة، وأخرى صحيحة
الدوافع الخاطئة:
1- أرتاح من العزوبية، ومشاكل الوحدة
2- أرتاح من البيت ومشاكله وتحكم الوالدين وإخوتي الأولاد في (البنات) كما أرتاح من كلام الناس.
3- زي كل خلق الله، كل اللي في سني تزوجوا (تقليد أو غيره).
4- الاستفادة المادية، بعض الشباب يتزوجون من أناس غير مناسبين لمجرد أن يستفيدوا مادياً، وهذه الدوافع كلها تهدد الزواج بالفشل والانهيار إن آجلاً أو عاجلاً.
الدوافع الصحيحة:
1- تحقيق قصد الله: "ليس جيداً أن يكون آدم وحده فأصنع له معيناً نظيره" (تك 2: 18)
2- أحب وأحب، أعطي وآخذ.
3- إشباع احتياجاتي الجسدية وغرائزي التي أوجدها الله في.
4- تكوين أسرة تعمل على مد ملكوت الله في الأرض، وخدمة المجتمع بطريقة أفضل فاثنان خير من واحد.
هل كل إنسان قادر نفسياً على الزواج؟
علماء النفس أجابوا قائلين: "نسبياً نعم ولكن ليس كل إنسان قادراً على استمرار الزواج والدليل ما نري وما نسمع من ارتفاع نسبة الطلاق سواء في مصر أو الدول الغربية.
مما سبق نفهم أن قرار الزواج سهل، لكن الاستمرار فيه صعب، والاستمرار فيه كما بدأنا أصعب.
الأمر يحتاج لمزيد من القوة الإلهية للحب والتضحية والغفران وقبول الشريك كما هو، ورغم كل ما اكتشفته بعد الزواج.
ترى ماذا يربط الزوجان معاً؟
(هل صلاة الكاهن أو القسيس في الكنيسة؟ أم القسيمة والعقد المدني؟ أم الأبناء؟ أم العلاقة الخاصة بينهما؟
مع تقديري واحترامي الشديد لكل هذه العناصر لكن الواقع أثبت أن هذه العناصر وحدها لا تكفي، لذا فأنا أقول إن ما يربط الزوجين معاً هو قسيمة الفكر والوجدان وحبهما الحقيقي وليست القسيمة المدنية المسجلة في محكمة الدوله، وقرارهما الواعي أن يُكملا الحياة معاً بحلوها ومرها، والالتزام المستمر بالعهد والأمانة مع الله، ومع بعضهما البعض وليس أى شىء آخر.
إن العلاقة الزوجية كالنبات، إنها كائن حي يحتاج إلي رعاية واهتمام، يحتاج إلى شمس وهواء وماء كي ينمو ويترعرع ويؤتي ثماره الوفيرة.
هل هناك حب من أول نظرة؟ وما هي علامات أني أحب؟
لا يوجد ما يسمي حب من أول نظرة، لكن لقائي مع شخص ما يوقظ في النموذج الذي تخزن في وجداني وعقلي (الإدراك الداخلي) منذ الطفولة مروراً بالمراهقة ومرحلة الشباب فأتجاوب معه ويحدث القبول، أنا أحذر من التسرع في اتخاذ قرار الزواج، لأن قراراً متسرعاً = زواجاً فاشلاً = أسرة تعيسة.
علامات الحب والقبول أو كيف تعرف أنك تحب؟
1- أشعر بتكامل فكري ووجداني بيننا.
2-إحساس بالراحة المستمرة في وجود الطرف الآخر.
3-القدرة علي التغاضي عن أخطائه وقبوله.
4- القدرة على التضحية من أجله، والرغبة في العطاء أكثر من الأخذ.
5- الحفاظ على هذا الشريك(سمعته –أهله- أسراره- ماله).
6- أنتظر لقاءه بلهفة، وأُسر لوجوده.
كيف أتخذ هذا القرار الهام والمصيري؟ بمعنى آخر هل أتزوج بناءً على العقل أم القلب؟
الحقيقة أنا أتزوج بمخي وذلك لأن المخ يحمل الاثنين معاً الفكر والعاطفة، أن تتزوج بناءً علي العاطفة فقط خطأ لأن العواطف سرعان ما تخمد وتخبو، إنها مثل قرص الفوار يفور يفور ويخمد بسرعة لما ينزل في كوب الماء. هل معنى ذلك أننا نلغي العاطفة أو نهمشها؟ بالقطع لا لأن العاطفة جزء من كيان الإنسان، لكن ما أنادي به أنه عندما تتحرك العاطفة وتميل تجاه شخص ما على أن أسأل عقلي: هل هذا الشخص مناسب لي روحياً اجتماعياً عمرياً ثقافياً مادياً..الخ؟
الشخصيات الناضجة تحكم الاثنين العقل والعاطفة ولا تتخذ القرار بناء على عنصر دون الآخر.
الشخصيات غير الناضجة الفاقدة للحب والحنان من الأسرة تنجذب من أول نظرة إلى شخص يظهر لها بعض الاهتمام وهذا ليس حباً، بل وقوع فيه وشتان الفرق بين الاثنين.
هل لابد أن تكون شخصيتك وشخصية شريكك الذي سوف ترتبط به متوافقة بدرجة 100%؟
بالطبع لا، وذلك لأنه لا يوجد على الأرض شخصان يتفقان تماماً أو يتطابقان، نسبة الاختلاف يجب ألا تزعجنا أو تخيفنا، حيث أنها مهمة فهي تقربنا وتغنينا، وتجعل الحياة جميلة ومتجددة وغير مملة.
لكن لابد أن يكون هناك تناغم وتوافق في: السمات الشخصية الأساسية: فالذكي يحب الذكية والهادئ يحب الهادئة.
القيم الأساسية: الاتجاهات العامة في الحياة (الإيمان، الأمانة، العطاء، الصدق، العبادة، حب الغير، وعمل الخير).