أسباب الصراع بين الأجيال:
هناك مقولة شائعة: "لدى كل جيل قناعة بأن تدهوراً ما حصل في أخلاق الجيل الذي تلاه" وهذه واحدة من أهم أسباب الصراع والتصادم بين الأجيال، هذا علاوة على أن الإنسان منذ طفولته وهو يكره القيود، ويرفض سلطة الكبار. هذا بالإضافة إلى غياب الحوار، وفقدان الثقة المتبادل بين الأجيال، فالكبار ينظرون دائماً للصغار على أنهم مازالوا صغاراً، والصغار ينظرون للكبار وأفكارهم وآرائهم على أنها دائماً (دقة قديمة).
ثانياً: أفكار وطرق عملية يمكن أن تنقلنا من التصادم إلى التفاهم بين الأجيال في البيت والكنيسة والمجتمع.
أتحدث أولاً إلى الشباب:
- لا تتضايق أو تغضب أخي الشاب إذا وجه لك أحد القادة في البيت أو الكنيسة أو العمل نقداً أو نصيحة، فأي نصيحة لا تخلوا من فائدة وبركة فاستمع إليها وفكر فيها.
- لا تنس أن جيل الكبار هم أباؤك وإخوتك، ثق أنهم يحبونك ويريدون خيرك وصالحك، أصغ مفكراً فيما يقولون بروح الخضوع والتواضع، والاحترام والتقدير لخبرة الأيام والسنين.
-لا تتضايق أو وتترك الاجتماع إذا رُنمت ترنيمة يُقال عنها إنها قديمة، أو تترك عملك إذا أصر المدير على تنفيذ الخطة بفكره، حاول دائماً أن تكون إيجابياً وانظر للأشياء بمنظور الكبار، انظر للترنيمة وما فيها من تعاليم وأفكار جميلة، وانظر لما في طريقة المدير من إيجابيات، وقدر وضعه والمسؤلية الضخمة التي على عاتقه. بنفس الطريقة أرجو أن لا يغضب الكبار إذا رنمت ترنيمة يقال عنها شبابية، أو نفذت الخطة وأنجز العمل بطريقة شبابية، لنحتمل بعضنا بعضاً في البيت والكنيسة، حتى تسير المركب، وتصل إلى الشاطئ بسلام.
ثالثاً: آبائي الأفاضل، في البيت والكنيسة والمجتمع الكبير، اسمحوا لى أن أهمس في آذانكم ببعض الهمسات البسيطة، والتي أرجو أن تجدوا فيها بعض العون لتتواصلوا وتتفاهموا بشكل أفضل مع جيل الشباب الأصغر منكم:
- من حقك كشيخ متقدم في العمر أن تنصح الشباب، فهم أبناؤك، كما أن خبراتك كثيرة في شتى مجالات الحياة، لكن في نفس الوقت عليك أن تختار الوقت الصحيح والأسلوب المناسب للنصيحة، حتى لا ترفض نصائحك الغالية، يقول الحكيم "الكلمة في وقتها ما أحسنها" أم15: 23، أصلح وأنصح فهذا دورك وواجبك، ولكن بروح الوداعة، والمحبة.
- حاول أن تستمع إليهم أكثر مما تتكلم.
- ضع نفسك مكانهم قبل أن تنتقدهم أو تلومهم، ولا تنس أنه إن كان من حقك أن تنصح الشباب، فمن حقهم أن يقبلوا أو يرفضوا.
- أشركوا أبناءكم وتلاميذكم في التفكير والتخطيط، استمعوا جيداً لما يفكرون فيه، واحترموا أحلامهم وتطلعاتهم، ولا تسكبوا ماء بارداً على أحلامهم المشتعلة.
- أعطوهم فرصة أن يتحملوا المسئولية، وذلك بإشراكهم معكم في التخطيط، وقبل اتخاذ القرار، لتضمنوا تواجدهم معكم في التنفيذ، ولا تخافوا أن يخطئوا، لأنهم لن يتعلموا إن لم يخطئوا، لا تخافوا ولا تتضايقوا إن خالفوكم الرأى أو حتى إن تفوقوا عليكم، لا تعتبروا ذلك إهانة لشخصكم الكريم، بل هذا شرف لكم، فأبناؤكم وتلاميذكم قد كبروا ونضجوا، وصار لهم رأي وفكر حر مستقل.
- لا تنسوا إخوتى وآبائي القادة الكبار أن الاحتمال (احتمال الضعفاء- احتمال الاختلاف- احتمال الجديد) هو العلامة الحقيقية لقوة الشخصية، وليس التسلط، أو الانفراد بالقيادة، أو الغبن، أو ترك المسؤلية. أو ترك المكان (الكنيسة – البيت- العمل). كونوا كربكم له المجد، الذي قبل تلاميذه بكل ما فيهم من ضعفات، وصبر عليهم فأخرجهم بعد ثلاث سنوات أبطالاً عظماء.
- تذكروا دائماً أن الروح القدس الذي عمل فيكم حتى صرتم هكذا، هو هو العامل في شباب اليوم، وسيُشكلهم ويُغيرهم للأفضل.
- صلوا من أجلهم، صلوا معهم، خذوا بأيديهم وأرشدوهم.
- شاركوهم لعبهم وضحكهم، آمالهم وآلامهم، أحزانهم وأفراحهم، فهذا يُزيد الشركة ويعمق الحب ويزيد الود والتفاهم بينكم.
- احتووهم بكل ما يحتوونه، احتووا سنهم، وطريقة لبسهم، وتصفيف شعرهم، احتووا أسلوبهم في الترنيم والموسيقي.
- أعطوهم الفرصة ليعبروا عن رأيهم وعن مواهبهم وقدراتهم. ولا تنسوا أن معظم الأعمال الإبداعية الجديدة، والتي نستمتع بها اليوم، كانت في الماضي فكرة غير مألوفة، وربما حُكم عليها آنذاك بالجنون.
- إن إعطاءهم الفرصة فيه إعلان لثقتنا في أنفسنا وفيهم، كما أنه تدريب عملى حقيقي يُنميهم، ويساعدهم أن ينضجوا أسرع، كما أنه يُزيد حُبهم وانتماءهم وولائهم لمن يعطيهم الفرصة.
أخيراً أقول إن القائد الناجح هو الذي يخلُفه تلاميذ وقادة ناجحون، فها هو شخص المسيح والذي منذ أن بدأ خدمته، اختار اثنا عشر تلميذاً يعلمهم ويدربهم، ضماناً لاستمرار الخدمة والرسالة بعد صعوده. كن كسيدك وفكر دائماً في البديل، الذي سيُكمل الخدمة والرسالة من بعدك، ضع عينك عليه من الآن، أحببه وتواصل معه، علمه ودربه، باركه وأطلقه للعمل في وجودك، فهذا هو النجاح الحقيقي، كما حدث مع موسى ويشوع، إيليا وأليشع، برنابا وبولس، بولس وتيموثاوس، بولس وتيطس...الخ وهكذا ننتقل من التصادم إلى التفــاهم ومن التـصارع إلى التعاون بين الأجيال