تحدثنا في العدد الماضي عن معنى المذبح العائلي وكيف يكون في البيت مذبح عائلي وفذ هذا العدد نتحدث عن الاساسات التي عليها تبنى العلاقة مع الله:
أساسات الفنار:
التخطيط لبناء برج أو فنار أو مبنى عالٍ لابد أن يشمل الإعداد لأساسات عميقة. فكلما زاد الارتفاع الظاهر فوق سطح الأرض كلما زاد الإحتياج لتعميق الأساسات لأبعاد أكثر. و نفس الأمر ينطبق على كل الأمور التى نقوم بها فى حياتنا، فكلما أردنا ثبات أمر ما لا بد من وضع أساسات أعمق وأقوى.
وفى إعلان الله لنا عن أهمية الذبيحة العائلية ورغبتنا أن نؤسس المذبح العائلى مع أفراد عائلاتنا، لا بد أن نتساءل عن:"ما هي الأساسات التى يجب أن توضع لنستطيع أن نقدم ذبيحة حية حقيقية لله فى بيوتنا ومع أفراد عائلاتنا؟".
الحجارة فى الأساس:
فى (1مل 18: 31، 32) "اخذ ايليا اثني عشر حجرا بعدد اسباط بني يعقوب الذي كان كلام الرب اليه قائلاًَ إسرائيل يكون اسمك، و بنى الحجارة مذبحاً باسم الرب" و كانت الحجارة تمثل كل الشعب و ليس فئة أو عشيرة أو سبطاً واحداً. و فى العهد الجديد نقرأ في (1بط 2: 5) أمر الرب لكل شعبه "كونوا أنتم ايضاً مبنيين كحجارة حية بيتاً روحياً كهنوتاً مقدساً، لتقديم ذبائح روحية مقبولة عند الله بيسوع المسيح".
وهنا تظهر أهمية المذبح إذ يتكوّن من كل أبناء الله، فهو ليس لفئة دون الأخرى، و هذا يقودنا إلى أهمية أن يكون كل شخص فى علاقة شخصية مع الله، وليس رقماً فى قطيع الخراف التى تتبع الراعي. وعلى كل فرد فى العائلة أن يكون حجراً حياً فى المذبح وليس من ضمن الحضور وسط جماعة في إجتماع.
من هنا يؤكد لنا الوحى أن أول أساس يبنى عليه المذبح هو العلاقة الشخصية بين كل فرد والله بطريقة مباشرة. فالعلاقة بين الله والإنسان هى علاقة تواصل وحوار وشركة ينعم فيها الإنسان بتدخل الله فى كل تفاصيل حياته، و يفرح الله بأن يعطى للإنسان كل ما عنده من البركات الروحية من سلام وحب وفرح.
الالتصاق:
فى (مز 63: 1، 8) يقول النبى داود: " يا الله إلهي أنت ... إلتصقت نفسي بك". و هنا يؤكد الوحى المقدس أن العلاقة مع الله هى علاقة شخصية فيقول: " إلهى" و ليس "إلهنا"، وهذا يشجعنا أن لا تكون العلاقة مع الله هى فقط في حياة الجماعة وفى وسط الاجتماعات، وإن كان هذا بالطبع جيداً جداً ومطلوباً، لكن بأكثر تأكيد لا بد أن تكون العلاقة شخصية بين كل إنسان بمفرده والله مباشرة.
و من خلال هذه الأيات أيضاً نرى أن العلاقة مع الله لها بُعد عميق، فليست العلاقة فقط حول الطلبات والتشكرات وتقديم العبادة بل هى أكثر من هذا إنها التصاق. ويوصفها النبى داود بإلتصاق النفس بالله.
نفس الإنسان هى فكره ومشاعره واختياراته بل وكل أعماقه، و معنى إلتصاقها بطريقة شخصية بالله تعنى أن يكون فكر هذا الإنسان متحداً بفكر الله. يؤكد الرسول بولس فيقول " فليكن فيكم هذا الفكر الذي في المسيح يسوع أيضاً" (فى 2: 5)، و تعنى أيضاً أن يكون لنا نفس مشاعر الحب والتحنن، فيقول الرب يسوع المسيح: "وصية جديدة أنا أعطيكم: أن تحبوا بعضكم بعضا. كما أحببتكم أنا تحبون أنتم أيضا بعضكم بعضاً. (يو 13: 34)، ثم يوضح الوحى المقدس كيف أن الله هو الذى يعمل فى إرادتنا حتى نستطيع أن نختار طرقه: لأن الله هو العامل فيكم أن تريدوا وأن تعملوا من أجل المسرة" (في 2: 13).
خطوات عملية تساعدك لتقضى وقتا ً مثمراُ فى محضر الله :
+ إعط للوقت الذى تقضيه فى محضر الله أولوية فى حياتك: بكر لله ( أم 8: 17) " أنا أحب الذين يحبونني، والذين يبكرون إلىَّ يجدونني ".
+ إقرأ الكتاب المقدس ( كلمة الله ) بانتظام يومياً - و اقضِ أوقاتاً فى التأمل فى كلمة الله .
+ اقضِ وقت فى التسبيح والعبادة - سبح الله وأحمده فهو العظيم الذى يستحق كل العبادة والتسبيح.
+ حدد طلباتك أمام الله - و أنتظر أمامه ليكلمك فيها.
+ صلِّ من أجل الآخرين : إخوتك المؤمنين - عائلتك- أصدقائك - بلدتك - للرئيس أو الملك الحاكم لبلدك - لكل من هم فى منصب - تعلم أن تبارك الاخرين وأنت في محضر الله .
قانون ذهبى:
" يا الله إلهي أنت. إليك أبكر. عطشت إليك نفسي يشتاق إليك جسدي في أرض ناشفة ويابسة بلا ماء، التصقت نفسي بك. يمينك تعضدني". (مز 63: 1، 8).