ممَّن تأخذ المرأة قيمتَها؟!...
سؤالٌ طُرِح على العديد من النساءِ والفتيات، فجاءت الإجابات متبايِنة... البعض منهنَّ رأينَ أنّ قيمتهُنَّ تؤخَذ من الإنتساب إلى أسرة عريقة ذات أصول تاريخية، فيظهر ذلك من خلال التفاخر بالعائلة في وسط المجتمع، وهنَّ يشعُرنَ بأنَّ ذلك يعطيهنَّ قيمةً وكرامةً أفضل. ومنهنَّ من قلنَ بأنَّ الزّواج
من شخصيّة لها وزنها وثِقلها في المجتمع يعطيهنَّ قيمة ويُظهر صورتهنَّ في أحسنِ شكلٍ، لأنّ الواحدة منهنَّ تستمِدُّ قيمَتها من حمَلِها اسم الزّوج، فالنّاس يقولونَ زوجة فلان أو قَرينَة فلان. أجابت واحدة منهنَّ على هذا السؤال( أينَ قيمَتي ) قائلة: "إنَّ محلّ سَكَني أو بيتي أو المدينة التي أسكن فيها يعطيني إحساساً بالقيمة والتفاخر أمام الآخرين". وقالت إحدى الفتيات: "إنّ نوع السيّارة التي أقودها يعطيني قيمة لأنّني أرى نَظَرات الإعجاب من الآخرين وأسمع كلمات المديح تُكال لي، وهذا يعطيني قيمةً وإحساساً بالشّبع في هذا المجتمع المادي". وطُرِح هذا السؤال على إمرأة عاملة فقالت لنا "أنا أستمدّ قيمتي وأَمْني في هذا المجتمع ممّا أمتلكه من رصيد وودائع نقديّة في البنك، وهذا يجعلني أشعر بالشّبع طالما رصيدي في البنك يزداد يوماً بعد يوم". وكانت إحدى الفتيات اللواتي كنَّ على أبواب دخول الجامعة واقفةً تُنصِت إلى الحديث باهتمام شديد، قد طلبت إبداءَ رأيها فقالت "أنا أشعر بقيمتي الحقيقية عند ارتدائي أفخر الثّياب ذات الماركات الشهيرة، وارتداء الحُلي الذهبيّة ذات الأشكال المتعدّدة وشرائي كل فترة أحدث هاتف محمول في السوق".
هل كل هذه الأشياء التي ذُكِرت تعطيني القيمة فعلاً، أم أنّ هذا ما يريده المجتمع من حولنا، فأصبحنا عبيدَ أهواء ذلك المجتمع نُقلِّد كلّ شيء فيه؟! دعونا نرجع ونبحث، هل هذه هي القِيَم التي أرادها الله لنا؟.
يخبرنا سفر التكوين (أول أسفار الكتاب المقدّس) أنّ الله خلق الإنسان على صورته ومثاله، وأعطاه امتيازات لم يُعطِها لباقي المخلوقات، فأصبح الإنسان تاج الخليقة. وكان الإنسان في قمّةِ مجده لأنّه كان يستمدّ قيمته من ارتباطه بالله ومعيَّتهِ له. ولكن بدخول الخطيّة حدث الإنفصال بين الله والإنسان، فأصبح الثاني عبداً لكلّ ما في العالم من شهوة العين وشهوة الجسد وتعظُّم المعيشة وحبّ الإمتلاك، وأصبح يشعر أنّ ذلك هو منتهى القيمة والأمان والشّبع. لكن ليست هذه هي الصورة التي أرادها الله للإنسان، لذلك أرسلَ الله ابنه الوحيد إلى العالم مُتجسِّداً لكي يُعيد للإنسان حريّته و قيمَته الحقيقيّة التي فقدَها بسبب الخطيّة. وبِعَمل المسيح الكفّاري على الصليب ردَّ الله الإنسان إلى رتبته الأولى وبذلك أصبح الإنسان حراً- "فإن حرّركم ا لإبن فبالحقيقة تكونون أحرارا ً" ( يوحنا 8 : 36 ). فقيمَتنا كبشر تَكمُن في كونِنا أصبحنا أولاداً وبناتاً للخالق.