ترك شاب أباه فى قرية صغيرة فى الريف وركب القطار وذهب إلى المدينة ليعيش فيها وقال لأباه عند فراقه.. لن أعود أبداً إلى هذا البيت الكئيب! لقد أخذت نصيبى.. وهذا حقى! وأريد أن أعيش حياتى بطريقتى.. وهذا أيضاً حقى! وأثناء تحرك القطار قال له الأب والدموع فى عينيه.. إذا أردت أن تعود فى أى وقت سأكون فى إنتظارك!! ومرت الأعوام وتلاعب الشاب بالأموال.. وإلتفت حوله الأصدقاء.. ومع الوقت ذهب الكل كما جاء!! المال والأصحاب! وجاءت الضيقات والأمراض.. ووجد نفسه وحيداً! فأخذ قصاصة صغيرة من الورق وكتب عليها بدموعه كلمات قليلة.. يا
أبى أنا غلطان وتعبان جداً..ومشتاق لحضنك وحبك جداً.. محتاج حنانك.. محتاج غفرانك.. محتاج سلامك! يا أبى.. لقد قررت أن أركب القطار الذى سيمر من أمام بيتك الأحد القادم.. فإذا كنت مازلت تحبنى وتريد أن تستقبلنى أرجوك إعطنى علامة! وهى أن تضع قطعة قماش بيضاء على الشجرة التى أمام البيت! فإذا وجدتها سأنزل من القطار وإذا لم أراها سأفهم يا أبى.. وسأظل فى القطار إلى أى بلد آخر.. وظل طول الأسبوع لا يعرف طعم النوم.. كان قلقاً.. مهموماً.. يتساءل فى نفسه.. ماذا سيفعل أباه؟ هل سيضع قطعة القماش؟ وركب القطار.. ومعه ركبت مخاوفه! وأثناء الطريق لم يكن يفكر إلا فى قطعة القماش! كانت هى كل ما يتمناه! ومن وسط دموعه نظر إلى السماء وطلب من إله السماء شيئين.. الغفران.. وقطعة القماش!! وإقترب القطار
من البيت.. وإبتداء يسمع دقات قلبه أكثر من صوت القطار! ولم يستطع الإنتظار فأخرج رأسه من النافذة ليرى الشجرة.. ولم يصدق عينيه.. وإنفجر فى البكاء فقد رأى الشجرة ولكن لم تكن عليها قطعة قماش.. بل كانت الشجرة مغطاة بمئات القطع من القماش!!! كل غصن.. كل فرع.. كانت عليه قطعة قماش! وكانت كل قطعة تحكى قصة! قصة حب.. حب أب.. حب إله.. إله يحبك.. إله ينتظرك.. إله يريدك.. ويريدك كما أنت! لأنه يحبك كما أنت! إله يريد أن يفعل أى شئ ليثبت لك حبه! حتى ولو يضع قطع قماش على كل شجرة ستمر بها فى حياتك! أثناء طفولتك ودراستك.. وضع قطعة القماش أثناء عملك ومشاكلك وهمومك.. لم ينس قطعة القماش أثناء مرضك وضعفك وضيقك.. كانت هناك قطعة قماش والآن إنه يمسك بقطعة القماش فى
يديه.. فاتحاً أحضانه حتى تراها وتراه فتجئ إليه.. قد لا ترى الشجرة فى حياتك.. وقد تغمض عينيك حتى لا ترى قطع القماش أثناء سير قطار حياتك! ولكنه الآن.. صدقنى الآن.. يجرى بجوار قطارك.. يلهث وراءك.. هو يلوح لك بقطعة القماش! أرجوك أنظر من نافذة القطار.. من نافذة حياتك.. مرة واحدة.. نظرة واحدة.. وصدقنى ستراه!! لا تنظر إلى المسافرين معك فى القطار.. قد لا يهتمون بالنظر من النافذة.. وقد يضحكون عليك وأنت تنظر إليه من النافذة! لأنهم لن يصدقوا أن الذى يلهث وراء قطار حياتك هو أباك.. إلهك!! صدقنى انه يجرى وراءك منذ
ولادتك حتى الآن! باصرار.. بإشتياق.. وصبر.. وحب.. وحنان! لأنه يحبك.. صدقنى إنه يحبك.. يحبك جداً لأنك إبنه.. لأنك إبنته.. ويريدك كما أنت! لن يحاسبك.. لن يعاتبك.. لن يطالبك بشئ.. أبداً! سيأخذك فى حضنه.. ويغسلك بدمعه ويطهرك بدمه.. لأنه مكتوب.. أن دم يسوع المسيح إبنه يطهر من كل خطية.. صدقنى كل خطية.. إنه واقف الآن على باب قلبك.. ينتظر إشارة منك.. يريد أن يدخل.. ويمكث.. ويملك.. ويملأ بروحه قلبك.. فأرجوك إفتح له الآن.. إقبله الآن.. لأنك لا تعرف متى يتوقف قلبك!! وتذكر دائماً وأبداً أنه مكتوب.. أن كل الذين قبلوه أعطاهم سلطاناً أن يصيروا أولاد الله.. لأن من له الابن فله الحياة.. صدقنى بدون وجود يسوع فى قلبك لن تدخل الحياة.. لأنه هو المسئول عن سفر الحياة.. وليس بأحد غيره، لأن ليس اسم آخر تحت السماء قد أعطى بين الناس به ينبغى أن نخلص (أعمال 4) لأن منذ نحو ألفى عام على ربوة تسمى جلجثة.. كان هناك صليب!فوقه شخص يدعى يسوع المسيح! تم صلبه لأنه
أحبنا!! فمات من اجلك وأجلى.. وغلب الجسد والعالم.. وأعطانا بموته حياة! وهو الآن يريد أن يعطيك هذه الحياة.. فمن فضلك لا تدع صلبه يذهب هباءاً!.. تعال إليه الآن.. أرجوك الآن.. إجلس معاه.. تكلم وياه.. ببساطة.. بصراحة.. بهدوء.. قول له على كل اللى فى قلبك.. عن مشاكلك.. مرضك.. ضيقك.. قلقك.. همومك.. وحدتك ومخاوفك.. قول له إنك محتاج له.. وإنك تريد أن تعطيه قلبك وحياتك وعايز تغلب العالم وتأخذ الحياة وتدخل السماء لتكون معاه.. ولكنك لا تستطيع!! لأنه العالم الذى فيك لا يريد أن يتركك بل هدفه أن تظل مستعبداً لجسدك ومطالبه وما أنت فيه! صارحه بضعفك أمام العالم وسقوطك الدائم أمام شهواته وأمواله.. قول له بمنتهى الصراحة والبساطة.. يا يسوع أنا خائف!! خائف من المرض.. من العجز.. من الفشل.. من الفقر.. من المجهول.. خائف من غداً!! يا يسوع سامح صراحتى وعدم ايمانى لكل دى حقيقية قلبى وحياتى.. يا يسوع أنا واثق إنك أحببتنى وإتصلبت علشانى.. فتعال يا يسوع
فى قلبى.. تعال وعيش مكانى.. فى داخلى.. علشان لا أحيا أنا بل أنت تحيا فىّ.. لأنك قلت لنا بالحرف.. بدونى لا تقدرون أن تفعلوا شيئاً (يوحنا 15: 5) فتعال فى داخلى الآن وبروحك إملأ القلب الآن لأن هذه هى شهوة قلبك أن الخطاة إليك يرجعون وإلى معرفة الحق يقبلون ليكونوا معك فى السماء وينالوا الحياة يا أيها الطريق والحق والحياة وتذكر دائماً.. أن أقصر الصلوات إنتزعت ملكوت السموات.. إذا كانت من قلب منكسر نادم.. وثق دائماً.. أن من يقبل إليه لا يخرجه خارجاً.. أبداً.. تذكرون اللص الذى كان مصلوباً عن يمين يسوع لم يقل له سوى.. إذكرنى يارب متى جئت فى ملكوتك.. والعشار الخاطئ وقف من بعيد وقال.. إرحمنى يارب أنا الخاطئ.. كلمات بسيطة.. صريحة.. نادمة.. صادقة.. خرجت من القلب لتهز عرش السماء! الله لا يريد صلوات روتينية مكررة بل يريد أشواق قلب متواضع صادق منكسر لأن القلب المنكسر والمنسحق لا يحتقره الله (مزمور 51: 17) ورحمته هى كل يوم.. جديدة كل صباح.. ومع كل نفس من أنفاسك.. يوجد أمل.. يوجد رجاء.. لأن على باب قلبك يوجد إله.. أب.. مازال يحبك.. وينتظرك آه.. لو تعلم مقدار الحب الذى يحبك به الآن آه.. لو تعرف كم يشتاق أن يدخل قلبك الآن لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل إبنه الوحيد لكى لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية (يوحنا 3: 16)