لا شك أن التليفزيون له تأثير قوي علي أطفالنا سواء كان ذلك بالإيجاب أو بالسلب، فالتليفزيون يستطيع الوصول لطفلك أسرع بكثير وبمراحل أكثر منك عزيزتي الأم، فهو شيق وممتع ولذيذ والمعلومة فيه لا تحتاج إلي جهد كبير للوصول إلي عقل طفلك، فهو مسموع ومرئي ومعظم الحواس تعمل معه بسهولة دون إرهاق في التفكير. لذلك علينا أن نحذر من جلوس الطفل لفترة طويلة أمام التلفزيون، ويجب علينا اختيار البرامج والقنوات والأفلام التي يشاهدها الطفل حتى لا يتأذى ابنك روحياً وجسدياً وعقلياً. وإنني تعجبت عندما كنت في زيارة لإحدى صديقاتي ووجدتها تجلس مع أطفالها (وهم 5 سنوات و3 سنوات) لمشاهدة فيلم سينمائي علي قناة فضائية وهذه القناة ليس بها أي رقابة أي أنها تعرض الأفلام دون حذف كما كانت تعرض في السينما ولا أخفى عليكم أعزائي حيث كان بها بعض المشاهد الساخنة والقبلات التي تفوق المرحلة السنية والإدراكية لهؤلاء الأبرياء وأكثر ما أدهشني هو أنها لم تغير القناة بالريموت كنترول وتحول لقناة أخرى لكنها تركت المشهد يعبر ويمر أمام هؤلاء الأطفال لأنه في فكرها سيمر مرور الكرام لأنهم صغار ولن يستوعبوا ذلك، ولكن عقل الطفل مثل الكمبيوتر الذي يخزن فيه المشاهد والأحداث وعندما يحتاج إليه ستمر عليه هذه المشاهد مرة أخرى ولا شىء في عقول أبنائنا يمر مرور الكرام، لذلك فقد نكون بجهلنا نحن نقتل براءتهم وطهارتهم. أطفالنا أذكياء جداً وناقدون لاذعون بشدة.
وفي إطار حديثنا عن التليفزيون تستوقفني بعض الإعلانات التي لها تأثير سيئ جداً علي الأطفال حيث أن الأطفال هم أكثر فئة مستهدفة عند المعلنين. وأول هذه الإعلانات عن أحد أنواع الزبادي، يبدأ الإعلان بطفل صغير السن يفتح الثلاجة وهو جوعان ليأخذ الزبادي فيشعر به والده ويأخذ منه العلبة ويترك الطفل جوعان ومقهوراً. الإعلان مهما كان هدفه يترك رسالة ومضموناً سيئاً جداً لدى الأطفال وهي أن الآباء أنانيون ويفضلون أنفسهم علي أبنائهم مهما كانت الفانتازيا التي يقدمها الإعلان حتى يلاقي استجابة أكثر ولكنه في نظري فقد المضمون وأساء التعبير والرسالة التي أراد توصيلها مشوشة وفقدت المضمون وأساءت التعبير والرسالة وصلت بشكل عكسي بدلاً من أن يقول أن الأسرة جميعها تتهافت علي هذا النوع من الكبير إلي الصغير صور لنا الأب علي أنه سيئ ولا توجد مشاعر لديه فيطارد ابنه ويحرمه من الزبادي وهو جوعان لكي يستمتع به هو، هل توجد هذه الروح البشعة عند أي أب؟ فالمعلن أساء إلي الآباء لأن الطفل في هذه المراحل المبكرة يقبل ويصدق أي معلومة بدون نقاش ويقبلها علي أنها حقيقة مؤكدة، هذا بالإضافة إلي أن الطفل يفتقد إلي التشخيص علي اعتبار أن هذا إعلان وهذه حالة خاصة فهو يتعامل مع الأشياء والأشخاص علي مبدأ التعميم.
وهناك إعلان آخر يستخدم فيه المعلن أيضاً طفلين والإعلان عن مسحوق نظافة، يبدأ بطفلين يلعبان ويتأرجحان وفي النهاية يرجعان إلي منازلهم بملابس متسخة فيرجع الأول لأمه فتنتهره علي اتساخ ملابسه، أما الثاني فيحدث معه العكس لأنها تستخدم المسحوق المعلن عنه فتشجعه علي اتساخه، كل هذا عادي ولكن الخطورة تكمن في قول الأم اذهب وطير يا سوبر طيران وتشجعه علي الطيران ونحن نعلم ما مدى خطورة كلمة الطيران علي مسامع الطفل، فهناك العديد من الأطفال الذين رموا أنفسهم من الأدوار العليا حتى يطيروا ويقلدوا سوبر مان، لأني كما ذكرت، الطفل يصدق بسرعة وليس لديه خبرة كبيرة فبمجرد أن يشاهد إعلان فيلم خيالي يتوقعه علي أنه حقيقة مطلقة.
فيا من تتعاملون مع الأطفال حذاري استخدام ألفاظ خطيرة تودي بحياة أطفالنا أو مفاهيم مشوهة عن قيم ومبادئ ثابتة تشوهها حتى ينجح إعلان منتجاتكم.
وفي النهاية عزيزتي الأم لابد أن تأخذي مواقف تجاه ما يقدم لطفلك ابن المستقبل وأن تكوني بمثابة المصفاة أو الفلتر الذي يصفي الأشياء النافعة فتقدميه إليه، أما الأشياء الضارة فتبعدينها. أما المسئولون في التليفزيون والفضائيات فيجب أن يدققوا في الرقابة علي مثل هذه الإعلانات رحمة بأطفالنا.