مضى عام وأتى عام جديد , فماذا يريد الله منا وماذا يحرك روحه القدوس فينا ؟
أولا: بخصوص العام الماضي
أول شيء علينا أن نقوم به هو أن تقدم الشكر لله .
ولكن على ماذا نشكره؟
1- نشكرة أولا وقبل كل شيء "على عطيته التي لا يعبر عنها " (2كورنثوس 9: 15 ), لأن يسوع المسيح هو عطيته التي لا يعبر عنها , وهو مصدر كل العطايا الأخرى .
2- يجب أن نكون "شاكرين الآب الذي أهلنا لشركة ميراث القديسين في النور , الذي أنقذنا من سلطان الظلمة ونقلنا الى ملكوت ابن محبته " (كولوسي 12: 13,1 ) . إن إرادة الله للمؤمنين هي أن نكون "شاكرين كل حين على كل شيء في اسم ربنا يسوع المسيح الله والآب "(أفسس 15 :20 ). لذلك يقول " اشكروا في كل شيء , لأن هذه هي مشيئة الله في المسيح يسوع من جهتكم . لا تطفئوا الروح" (1 تسالونيكي 5 : 18-19 ) إن التذمر والشكوى تطفئ الروح , وأما الشكر فيجعلنا نمتلئ بالروح لذلك حين نصح الرسول بولس المؤمنين في فيليبي أن لا يقلقوا بخصوص أي شيء بل عليهم في كل شيء بالصلاة والدعاء " ثم يقول "مع الشكر" (فيليبي 4 : 6 ) . الممؤمن الشكور هو مؤمن فرح وقوي .
3- كما يجب أن نشكره على كل إحساناته طوال العالم الماضي . فنحن نعرف أن داود اجتاز في صعوبات كثيرة ولكنه راجع معاملات الله معه فقال " كللت السنة بجودك وآثارك تقطر دسما " (مزمور 65 : 1 ). لقد قاسى إرميا كثيرا ولكن بالرغم من ذلك قال " إنه من إحسانات الرب أننا لم نفن. لأن مراحمه لا تزول . هي جديدة في كل صباح .كثيرة أمانتك" (مراثي إرميا 3 : 22-23 ) . كذلك علينا أن نراجع الدروس التي تعلمناها في العام الماضي . ربما سمح لنا الرب في محبته أن نجتاز ظروفا صعبة . هل تعلمنا الدروس التي اراد الرب أن يعلمنا إياها ؟ لذلك بمناسبة العام الجديد , على المؤمن أن يراجع الظروف التي تعلمها منها . هل تعلمنا الصبر ؟ لأن "الضيق ينشئ صبرا , والصبر تزكية , والتزكية رجاء " (رومية 5: 3 ) . هل اراد الله ان يعلمنا الوداعة والتواضع لكي نجد راحة لنفوسنا ( متى 11 :29 ) ؟ لأن الله يقاوم المستكبرين وأما المتواضعين فيعطيهم نعمة" ( 1بطرس 5:5 ) . ربما أراد أن يعلمنا المسامحة أو ضبط النفس . أو أن نكون مفتدين الوقت , هو يسمح بالظروف الصعبة لفائدتنا . فمن يجوز في ضيقات ولا يتعلم الدرس المقصود هو مثل شخص دفع ثمنا باهظا لشيء ثمين , مثل سيارة أو بيت , وأهمل أن يحصل على ما دفع ثمنه !! يجب أن نعلم يقينا " أن كل الأشياء تعمل معا للخير للذين يحبون الله " (رومية 8 : 28 ) . اذا من جهة العام الماضي يجب أولا أن نشكره وثانيا أن نتعلم منه دروسا نافعة لنا .
ثانيا : بخصوص العام الجديد
اعتاد الناس أن يقوموا بتعهدات عند بداءة العام الجديد , والمؤمن ايضا يمكنه أن يقوم بتعهدات مع هذا الفارق : المؤمن لا يضع ثقته في ذاته أو في قوة الإرادة بل في الرب . "لأن الله هو العامل فيكم أن تريدوا وان تعملوا من اجل المسرة ( فيليبي 2: 13 ) . والمؤمن يستطيع كل شيء في المسيح الذي يقويه ( فيليبي 4: 13 ) لذلك يجب على المؤمن أن يطلب :
إرشاد الرب فيما يجب أن يتعهد به .
أن يطلب منه المعونة لتنفيذ تعهده .
ومتى تعهدنا أمام الرب بشيء فإن إهمال التنفيذ هو عدم احترام للرب , فمثلا , إذا تعهدت أن أقضي ساعة كل صباح في الصلاة وقراءة الكتاب المقدس , يجب أن لا أسمح لشيء أن يعطلني عن هذا . وإذا تعهدت أن أضحي بمبلغ من المال لنشر بشارة الخلاص, يجب ان أنفذه ما دام الرب يمكنني من ذلك .
في كل هذا يجب أن يكون امامنا هدف معين , وهو تنفيذ وتتميم إرادة الله في حياتنا . فالرب يضع على عاتق كل مؤمن مسئوليات معينة . وعلى المؤمن أن يكون هدفه القيام بهذه المسئولية بأمانة . قال الرسول بولس : " ولكنني لست أحتسب لشيء ولا نفسي ثمينة عندي , حتى أتمم بفرح سعيي والخدمة التي قبلتها من الرب يسوع , لأشهد ببشارة نعمة الله ( أعمال 2: 24 ) فقد كان مصمما على إتمام السعي مهما كلفه الأمر - ولو حياته – لأنه قبل الخدمة من الرب نفسه . فمتى أدركنا أن الرب هو الذي قادنا إلى هذا التعهد , لن نتهاون في ألأمر . وفعلا تمم بولس سعيه وقال لتيموثوس : " قد جاهدت الجهاد الحسن , أكملت السعي حفظت الإيمان ( 2تيموثاوس 4: 7 ) . وفي رسالته الى أهل كولوسي طلب منهم أن يذكروا واحدا منهم أن يتمم مسئوليته فقال : "قولوا لأرخبس : انظر الى الخدمة التي قبلتها في الرب لكي تتممها " (كولوسي 4: 17 ) .
إذا , متى قبلنا خدمة من الرب وتعهدنا بها , يجب أن لا نسمح لأي شيء أن يعطلنا عن القيامبها . وهذا ينطبق على كل نواحي حياتنا الروحية . سواء في التعامل مع الناس , أو الصلاة, أوالأعمال الخيرية أو الشهادة للآخرين . حسنا أن نتعهد في بداءة العام , وحسنا جدا أن نتمم طوال العام وإلى نهايته ما تعهدنا به .
ثالثا : مقومات للعام السعيد
بما أننا اعتدنا أن نحيي بعضنا بعضا الأمنية الجميلة " عام سعيد " يجب ان نعرف كيف يمكن أن يكون كذلك . فالعام السعيد يكون حقا سعيدا عندما تتوافر في الشخص المؤمن – الذي اختبر خلاص المسيح – الأمور التالية :
1. الطاعة لله : قال الرب قديما للشعب على لسان اشعياء : " ليتك أصغيت لوصاياي فكان كنهر سلامك , وبرك كلجج البحر " ( أشعياء 48: 18 ) وعلى لسان موسى , قال لهم أنهم إذا حفظوا وصاياه تكون أيامهم " كأيام السماء على الأرض " (تثنية 11: 18-21 ) قال كاتب الترنيمة :" إن اردتم الحياة في هناء وسلام فاحفظوا أمر الإله واعملوه بالتمام "
2. الفرح بالرب وعدم القلق : "افرحوا في الرب في كل حين وأقول أيضا افرحوا .. لا تهتموا بشيء بل في كل شيء بالصلاة والدعاء مع الشكر .. وسلام الله الذي يفوق كل عقل يحفظ قلوبكم وأفكاركم في المسيح يسوع " (فيليبي 4 : 4-7 ) .
أن نطلب كل يوم الحكمة النازلة من فوق : " إنما إن كان أحدكم تعوزه حكمة فليطلب من الله الذي يعطي الجميع بسخاء ولا يعير , فسيعطى له " ( يعقوب 1 : 5 )
أن نحيا في انتظار مجيء الرب : " وهكذا نكون كل حين مع الرب " ( 1تسالونيكي 4: 17 ) هذه هي الأمنية الأولى بمناسبة العام الجديد . وبذلك يكون حقا عاما جديدا وسعيدا .