يعتبر الجنس من الموضوعات الهامة في حياة الإنسان, والغريزة الجنسية خلقها الله في الإنسان للمتعة واللذة وإنجاب الأطفال, وعلى الرغم من أن هذه الغريزة مقدسة إلا أن بعض الناس على مدار التاريخ الإنساني اعتبروا أن هذه الغريزة شراً يجب كبتها وقمعها, الأمر الذي قد يؤدي إلى الإصابة بالعديد من الأمراض النفسية.
ونتيجة لثورة المعلومات التي نحيا في ظلها اليوم لم يعد طفل اليوم كطفل الأمس, فالشاشة الصغيرة ولا سيما بعد انتشار الفضائيات في معظم البيوت تعرض من الأفلام والبرامج ما يعطي ملامح فكرية عن حياة جنسية, فالأبناء اليوم منذ طفولتهم يسألون أسئلة جنسية ويريدون إجابة شافية ومقنعة على هذه الأسئلة, وهنا يجد الوالدين أنفسهم في حيرة شديدة ماذا يقولون لأطفالهم ؟ وهل يتحدثون في الأمور الجنسية أم لا؟ وفي أي سن يمكنهم الإجابة على أسئلة أطفالهم؟ وما سيتعلمه الأطفال عن الأمور الجنسية هل سيسبب لهم أضراراً؟ .. وأسئلة الأطفال الجنسية لا تواجه البيت والوالدين فقط ولكن نفس الأسئلة تواجه المدرسة والمؤسسات الدينية, فهل للمؤسسات التعليمية والتربوية والدينية دور في التربية الجنسية؟
نظراً لأن الجنس من الموضوعات الحيوية فإن الهروب من الحديث عنه أسلوب غير علمي وغير ناضج, فالجنس يمس حياتنا اليومية, ومن ثم لا يجوز أن ندفن رؤوسنا في الرمال كالنعامة, فالجنس هو كيان كل إنسان – رجل وامرأة .. فتى وفتاة – والأطفال منذ نعومة أظفارهم يتعلمون الجنس بأساليب عديدة فالطفل قد يشاهد طفلاً آخر عارياً, وهو يرى مناظر في التليفزيون وفي الطريق العام, هذا فضلاً عن الإحساسات الجنسية التي تولد معه ويشعر بها تعمل في داخله ولهذا إذا لم يجد الطفل تعليماً واضحاً فإنه سيكَُون لنفسه مفاهيم جنسية قد تكون خاطئة. يظن بعض المربين أن إعطاء معلومات جنسية للأطفال أمر لا يليق وهم ضار بهم, وهم يتصورون أن إخفاء المعلومات وعدم التحدث عنها أمر مفيد, ويظن فريق آخر من المربين أن الأطفال صغار ومن ثم لا يجوز أن يعرفوا شيئاً عن الأمور الجنسية إلا عندما يكبروا ويقبلوا على الزواج, حتى يعيشوا طفولتهم أطهاراً, ولكن الحقيقة غير ذلك فاللأطفال وسائل عديدة للمعرفة هذا فضلاً عن أن الطفل بطبعه فضولي يحب الاستطلاع وهو لن يهدأ حتى يجد إجابة شافية لأسئلته, ويخطئ من يظن أن الأطفال لا يستطيعون أن يفهموا فالطفل يعرف أكثر مما يظن والداه.
وقد يتهرب الوالدون والمربون من التربية الجنسية لعدة أسباب منها:-
* قد يخجل المربون ويتلعثمون عند الحديث عن الأمور الجنسية مع أطفالهم.
* ربما لأن الوالدين قد نشأوا وتربوا في مجتمعات منغلقة اعتبرت الحديث عن الجنس بدعة أو شر.
* في عُرف البعض أن العُري مبتذل والأعضاء الجنسية قبيحة وبالتالي فإنهم يتهربون من الحديث عنها .
ولكن لكي يكون الطفل سوياً وناضجاً لابد أن يتربى جنسياً منذ ولادته فهو يشعر بمتعة عندما يقبله والديه, ويشعر بمتعة عند لمس جسمه, ويشعر بمتعة عند تنظيفه, وعندما ينمو الطفل قليلاً يبدأ في التعرف على الأشياء والأشخاص, ويتعرف على أعضاء جسمه, وأحياناً يعجب بجسمه ويقارن جسمه بجسم طفل آخر, وإن كان له أخت طفلة فهو يقارن جسمه بجسم أخته وكثيراً ما يسأل عن الاختلافات بينهما, وهنا يأتي دور الحوار الفكري الذي يعاون الطفل على جمع معلوماته وتكوين ثقافته. يتبع ...