ليس الصليب الطريقة الوحيدة لخلاص العالم وحسب… بل هو التعبير الوحيد لمحبة الله الفائقة، وفقاً لقول المسيح: "لأنه هكذا أحب الله العالم، حتى بذل ابنه الوحيد، لكي لا يهلك كل من يؤمن به، بل تكون له الحياة الأبدية" (يوحنا 16:3).
فالصليب هو المذبح الذي قدم عليه المسيح ذاته ذبيحة إثم ليرفع خطية العالم. وبدون هذه الذبيحة الكفارية، كان لا بد للبشر أن يرزحوا تحت ثقل الحكم القائل: "النفس التي تخطئ هي تموت" (حزقيال 20:18). ولشرح هذا الأمر، ينبغي أن نذكر أن الإنسان فطر على حالة تلزمه التأمل في المستقبل. لأن ضميره، يخبره بأن كل أعماله سترفع إلى حكم عادل. وأن المخالفات التي ارتكبها تحمله على الشعور بالذنب والخوف من القصاص الذي يعكر سلامه، ويهدد سعادته المرجوة في العالم الآتي. وقد أجمع المؤمنون بالله من كل الطوائف، على أن الإنسان، الذي مارس الخطية في حياته دون كفارة، لا يستطيع أن يواجه الله، لأن الخطية جعلته عدوا لله. ومع ذلك فهذا الإنسان الذي جعلته خطاياه عدوا لله، لا يمكن أن يكره رحمته. وقد سمعنا من أشرار كثيرين أقوالاً تؤكد بأنهم يطمعون في رحمة الله، ويرجون أن ينالوا صفحه بطريقة ما.
صحيح أن الله، يريد أن جميع الناس يخلصون وإلى معرفة الحق يقبلون. وقد أعرب الرب الإله عن إرادته هذه، بالقول: "حي أنا يقول السيد الرب، أني لا أسر بموت الشرير. بل بأن يرجع الشرير عن طريقه ويحيا" (حزقيال 11:33). ولكن إن غفر الله للمذنب لكي يحييه روحياً، فيجب أن يكون هناك سبب كاف للغفران. وهذا الوجوب يملي علينا الحاجة إلى وسيط صلح، يكفر عنا خطايانا، ويلبسنا بره لنظهر أمام الله قديسين وبلا لوم في المحبة. وهذا الوسيط ينبغي أن يكون: